19
والفيل في طريقه يمس بخرطومه شجرة سنط ليرى هل تستحق أن تقشر، والفيل في طريقه يلتفت ليطمئن إلى أن زوجه وولده يتبعانه، وهكذا يعود الفيل من ضفاف النيل إلى ظلال الأيكة البكر المدهامة حيث يسيطر بعقل إنسان بصير فيرتب ويذكر طليقا طلاقة موجود عال قويا أكثر من كل حي باديا آخر ملك حقيقي للطبيعة.
وهنالك حيث يتسع النهر بالتدريج ترى وطن بقر الماء والتمساح، وفي مساقط مرشسن بمجرى النهر التحتاني تبصر الألوف من هذه الحيوانات، وتلك المياه التي تبدي نفسها للشمس والتي هي حمام جبارة تحمي هذه الموجودات المائية من كل خطر.
والحق أن النيل للمرة الأولى يلاقي بحيرة كبيرة بلا شواطئ كبحيرة فيكتورية التي يتركها خلفه من غير أن يراها، والنيل، وراء السهب الأصفر المقطع كدلتا ينتهي إلى طرف بحيرة ألبرت الشمالي الأقصى، والنيل يجوب هذه البحيرة، وهنا - وعلى بعد 500 كيلومتر من منبعه - يعدل النيل عن التسمي بنيل فيكتورية إلى التسمي بنيل ألبرت لما عزز به من منبع قوي آخر، وتوجد مئات التماسيح على جزر مستوية وعلى أنوف تتقدم كألسنة جزائر فريز،
20
وتثب أسماك فضية من خلال أمواج خلجان ملونة بألوان قوس قزح على حين يظهر ماء البحيرة أزرق في مكان آخر، وعلى الشواطئ حيث يتناوب الغاب والشهب تعبث جماعة رائعة من الأوعال، وتقترب الظباء من النيل الذي يسقي كل حيوان.
ولكن النيل لا يضمحل في ماء هذه البحيرة الصافي كما حدث له في إسفنج كيوغا؛ وسبب ذلك أن جرافا
21
عنيفا يجره وتخط طريقه، وفي الغرب البعيد تنتصب ظلال بنفسجية لجبال شامخة، وهنالك يجري نهر كبير آخر، يجري نهر الكونغو متجها إلى الغرب، ولن يرى النيل هذا النهر، والنيل يجره مجراه إلى الشمال، ولنر ما الذي يغذي ذلك المنبع الثاني الذي هو حوض بحيرة ألبرت العظيم، وذلك قبل أن نقتفي أثر النيل.
الفصل الرابع
Página desconocida