251

El Nilo: La vida de un río

النيل: حياة نهر

Géneros

التي تلتقي عليها المعرشات كما في الأيكة البكر، ولها بالخضر الدائم بين الماء الهارب تعويض من عزلتها ومن حياة الخيال الذي لا يكدر صفوه حيوان ولا إنسان إلا نادرا. وهكذا تبصر تحت ظل حديقة رائعة نسوة من ذوات السعادة يدعن سياح الحياة الخالدين يمرون من غير أن يحسدنهم.

وعندما تدحر الصخر النيل نحو الشرق، وتفرض عليه مرفقها، لا تعين مجراه فقط، بل تقرر بانحدارها - أيضا - مصير الأراضي الممتدة على طول الضفاف. وتكفي هذه الأراضي الضيقة الخصيبة المغطاة بالغرين - والتي لا يزيد طول الواحدة منها على خمسة أمتار في بعض الأحيان - لتموين قرية قائمة أكواخها الطينية على الصخر، وذلك مع العناية بأصغر قطعة أرض لزراعة الحبوب وغرس النخيل.

وتقع شندي على ضفة النيل الشرقية، ولشندي مقدار غير قليل من الأراضي الصالحة للزراعة، ثم يوغل النهر في الصحراء بعد أن يقابل آخر رسول من الشرق، وذلك كملك يقابل آخر ساع قبل ذهابه إلى معركة كبيرة، فنهر العطبرة ينضم إلى النيل في مجراه التحتاني بعد ثلاثمائة كيلومتر من الخرطوم، ويصل هذا الرافد الأخير من البراكين الحبشية التي يخرج النيل الأزرق منها.

ولا يعلم السائح الذي يمر في شهر يونيو من قنطرة العطبرة الكبرى - وهي الجسر الرابع بعد منبع النيل - إنفاق كتشنر مبالغ كثيرة لإدخال أركان أقواسها الست عميقة إلى الصخر؛ وذلك لأن مجرى النهر الفاغر فاه جاف، وإذا ما عاد في شهر يوليو هدر سيل عرضه خمسمائة متر بالغ من العنف حول تلك الأركان ما تلطم أمواجه الوحلة معه ضفة النيل الغربية؛ أي تصدم ما بعد مصبه على مسافة غير قصيرة. وهذا هو سبب تسمية العرب إياه ب «النهر الأسود»، ويجر نهر العطبرة في جريته الغضوب المشابهة لجرية النيل الأزرق، ونهر العطبرة يتغذى بما يتغذى به النيل الأزرق من الأمطار، خيزرانا وسوقا وأصولا وجذورا وبقرا وفيولا ممزقة وعالما غافلا من الحيوان والنبات فاجأه وحمله وقتله كما تجرف العاصفة الثورية أبناء الطبقة الوسطى النعس.

ذلك هو آخر رافد للنيل، وتلك هي الصحراء، ويظل النهر وحيدا، ومع سابق مياهه حتى النهاية.

ولوادي النيل في أثناء الجري من تلك العروة الكبرى ثلاثة ألوان، فالصحراء شديدة الصفرة في الناحيتين إلى ما لا حد له، والأراضي المزروعة شديدة الخضرة، ويكون عرض هذه الأراضي نحو ميل أحيانا، وتكون هذه الأراضي ضيقة غالبا، ولا تكاد تبلغ من العمق مائة قدم عموما، وفي الوسط يبرز غرانيت مبلل رمادي لامع، وتبرز جزيرات وصخور من الماء الفائر وتحدث مساقط، ويعد الانتقال المفاجئ من الرمل الأصفر إلى الشفير

17

الأخضر، ويعد خصب أصغر أرض، ويعد عدم وجود منطقة نصف صحراوية، أمورا شاهدة على افتقاد حقول يمن الله عليها بمطر قليل في بعض الأحيان وعلى عمل الإنسان الذي أبدع حديقة على الرغم من البادية بمتحه

18

ماء من النهر في مجراه الحجري.

Página desconocida