16
من الليل ولمدة أربع وعشرين ساعة. ولكن صراخ الذكور والإناث وما يمازج درداب الطبول وصوت الدفوف من نهيق الحمير وخوار البقر أمور تثير في النفس منظر العربدات، ولو قيست التقوى بعدد الأعياد الدينية ما وجدنا أمة أتقى من أقباط الحبشة، ولا عجب، فأعيادهم تعدل ثلثي أيام السنة، وتعد أيام الأربعاء والجمعة أيام صوم، وإذا ما فكر فيما يسود الناس هنالك من كسل شامل سئل عن العلة والمعلول.
وهكذا يعيش معظم الأحباش في غسق
17
ذهني، ولا يعرف عددهم معرفة تامة ويزعم ثلاثة، أو أربعة، ملايين من الملايين العشرة أنهم من «الخلص»، وأنهم من نسل النصارى الأولين، ومستواهم دون ما عليه زنوج بحيرة فيكتورية الذين لا يدرون ما الدين ولا الإيمان، وليس عندهم حتى براءة الدنكا العجيبة النابتة تحت الشمس، وما يبدون من اعتقاد كاذب بالرب فينعم عليهم بالغرور ويحرمهم نعمة الحرية.
والمسلمون أكثر عملا، ويبلغ عددهم بضع مئات من الألوف، ويعيش أكثرهم في ولاية هرر الشمالية، ولا يساوي ما يحوكونه من نسج كبير شيء، وهم أهل كد، وهم، وإن كانوا لا يحسنون إدراك تعاليم دينهم الصحية، يراعونها على كل حال، ويسمى بقر الماء عندهم «خنزير النهر» فلا يأكلونه لتحريم لحم الخنزير عليهم، ويستعملون مع الفتيات طريقة خاصة اخترعوها، أو انتقلت إليهم لوجودها في المجرى الأوسط من النيل الأبيض، وهذه الطريقة أشد فعلا من نطاق الطهر لدى الصليبيين، فهم يلفقونهن
18
بسبائب
19
الخيل ليكن أبكارا يوم الزواج. ومن الأزواج من هم غيارى فيلجئون إلى هذه الوسيلة مع زوجاتهم إذا سافروا، وهي أرخص من حراستهن بالخصيان لما يكلفه الخصيان من أجر عال.
Página desconocida