El Nilo en la época de los faraones y los árabes
النيل في عهد الفراعنة والعرب
Géneros
قال: وأما هذه الأنهار التي مادة النيل منها، والبحث عن ابتدائها والسؤال عن أوائلها، فقد أكثرت السؤال عنها من قوم عن قوم، فما وجدت مخبرا يقول إنه وقف على نهاية جميع الأنهار، والذي انتهى إليه علم من عرفني عن آخرين إلى خراب، وأنه يأتي في وقت الزيادة في هذه الأنهار آلة المراكب وأبواب وغير ذلك، فيدل ذلك على عمارة بعد الخراب.
وقال الوطواط الكتبي في كتاب مباهج الفكر: «إن طول مسافته ثلاثة آلاف فرسخ ونيف.» وقيل: إنه يجري في الخراب أربعة أشهر، وفي بلاد السودان شهرين، وفي بلاد الإسلام شهرا. قلت: هذا القول موافق لما جزم به ابن زولاق في تاريخه.
وذكر صاحب درر التيجان أن من ابتدائه إلى انتهائه اثنين وأربعين درجة وثلثي درجة، كل درجة ستون ميلا، فيكون طوله ثمانية آلاف وستمائة وأربعة وعشرين ميلا وثلثي ميل، على الفصل والاستواء، وله تعويجات شرقا وغربا فيطول ويزيد على ما ذكرناه. وقال صاحب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: «وبين طرفي النيل مما ثبت في الكتب خمسة آلاف وستمائة ميل وثلاثون ميلا.»
وذكر صاحب خزانة التاريخ أن «طوله أربعة آلاف وخمسمائة وخمسة وسبعون ميلا، وعرضه في بلاد الحبشة والنوبة ثلاثة أميال فما دونها، وعرضه ببلد مصر ثلثا ميل، ليس يشبهه نهر من الأنهار.» وفي تاريخ ابن زولاق: «ليس في الدنيا نهر أطول مدى من النيل؛ يسير مسيرة شهر في بلاد الإسلام وشهرين في بلاد النوبة، وأربعة أشهر في الخراب حيث لا عمارة، إلى أن يخرج من جبال القمر خلف خط الاستواء.» قلت: ما حكاه صاحب الأصل في تاريخ ابن زولاق ادعى أبو قبيل الإجماع عليه، ولفظه كما حكاه ابن عماد في جزئه المذكور ما نصه: «وأجمع أهل العلم على أنه ليس في الدنيا نهر أطول مدى من النيل؛ يسير مسيرة شهر في الإسلام ...» إلى آخر ما تقدم ذكره، وزاد فقال: «وليس في الدنيا نهر يصب في بحر الروم والصين غير نيل مصر.» انتهى والله أعلم.
أسماء النيل من النصوص المصرية القديمة
كان قدماء المصريين يعتقدون أن النيل الذي تروى منه الأقاليم القبلية نيلا خاصا، وأطلقوا عليه «حعب رسيت»، ويقولون إنه لولاه لما استطاع النيل المخصص لري الوجه البحري إيفاء الحاجة لأقاليمه، وحددوا النيل القبلي «كاعتقادهم» بأنه يبتدئ من جزيرة أسوان، والنيل الخاص بالوجه البحري دعوه «حعب محيت»، وقالوا: إن ابتداءه من منطقة الدلتا المعروفة قديما باسم بابيلون التابعة لإقليم هليوبوليس، وقد نقش في معبد بيلاق النص الآتي: «إن نيل الوجه القبلي أبو الآلهة الخارج من مغارته «جزيرة أسوان»، ونيل الوجه البحري الخارج من خزانته.»
ولما قدم لمصر هيردوت؛ لمباحثه عن النيل، وحادث في شأنه الكهنة الصاويين حاولوا إقناعه بعقيدتهم هذه، ولكن أظهرت المباحث الجغرافية والحديثة أنها لا تطابق الصواب.
وكانوا يرسمون نيل الوجه البحري على شكل رجل في ريعان الشباب، ضخم الجسم ثقيل الكتفين كبير الثديين، متشح برداء عليه أثمار النيل في بلاد الوجه القبلي ولونها أزرق، ويرسمون تمثال النيل للوجه القبلي على شكل رجل متشح برداء فوقه أثمار النيل الممثلة ببلاد الوجه البحري، ولونها أحمر.
وكانوا يطلقون على النيل أسماء كثيرة، جعلوا منها اسما مقدسا له وهو حعبي، ونقش على حجر كانوب المحفوظ الآن بالمتحف المصري في القاعة حرف
T
Página desconocida