بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن
الحمد لله محي الأمم بعد فنائها، وجامع الرمم بعد شتاتها، ومسوي العظام بعد تفتتها، ومعيد الأرواح إلى الأشباح بعد مفارقتها، ومجدد العلوم بعد بلائها، وناظم المنثور منها بعد تبددها، ومؤيد الفكر لاستنباط غرائبها ودقائقها، ومتخذ الأذهان في كل زمان لإدراك ما خفي من غوائصها وغوامضها، وموفق الأخلاق لاقتفاء آثار أسلافها في إحيائها ونشرها، ومعطي كل منها فضائلها. فللأولين فضيلة الوضع وتمهيد القواعد، والآخرين مزية التمييز وإلحاق الفوائد وحذف الزوائد، فسبحان من أفاض بركتها على العالمين من بين العالمين، وخص سعادة الدارين السابقين منهم واللاحقين، والصلاة والسلام، على رسله الكرام "المبعوثين" من بين الأنام، إلى الخواص والعوام، بالمعجزات العظام، والآيات الجسام، خصوصا على سيدنا ومولانا محمد الختام، المظلل بالغمام، المبعوث بالحسام، إلى ألد الخصام، والمعاند الطغام. المرسل بالبراهين الساطعة، والآيات والبينات الدامغة، لتلقيح الخواطر العقام. وتوضيح المسالك الصعبة المرام، وعلى آله وأصحابه الهداة الأعلام، القادة إلى سبل السلام.
أما بعد: فإن العلم أعلى ما تسمو إليه النفوس الفواضل، وأبهى ما ترنو إليه العقول الأوائل، وأنهى ما تصعد إليه أعناق العزائم، وأشهى
1 / 3
ما تميل" إليه أفئدة الصرائم، إذ كمالها فيه واشتغالها بعد مفارقة أجسادها به حين يحال بينهما وبين الأفهام، ويمنع عنها هواها، فلولا لها ما يشغلها عنها ويذهلها عن دوافعها لكانت معذبة دائما بالالتفات إليها، كالمغرم الفارع الممنوع.
وإلى هذا المعنى وقعت الإشارة في التنزيل: ﴿وأنى لهم التناوش من مكان بعيد﴾. ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب﴾.
ثم لا يخفى عليك أن العلوم تتفاوت مراتبها وشرفها، بسبب معلوماتها ومسيس الحاجة إليها، واحتياج غيرها من العلوم إليها وخاصة ضدها، ووثاقة براهينها وقواعدها، ففي بعضها قد يوجد كل هذه الجهات كما في العلم الإلهي الباحث عن الوجود المطلق وهو العلم الأعلى والأعم، ولا شك أنه أشرف العلوم وأنفسها، إذ فيه يطالعنا جلال الله وكبرياؤه الذي فيه أنواع السرور والحبور، وليس للعقول عنه تجاوز وعبور، بل تبقى فيه حائرة، وعن كل ما سواه غائبة، وعن غيبتها فائتة، فتكون في مقام فناء الفناء ناطقة بلسان الحال لا بلسان المقال ليس في الوجود سوى الله أو سبحاني ما أعظم شأني أو أنا الحق، ومعرفة الجواهر النورانية كالعقول والنفوس وسائر الممكنات التي لا تنفد عجائبها، ولا تنتهي غرائبها. وقد يوجد في بعضها أكثرها كما في أصول الفقه، أما مسيس الحاجة إليه فلاحتياج الفقه إليه المحتاج
1 / 4
إليه في تحصيل المصالح الدينية والدنيوية.
أما/ (٢/ب) الدينية فلأن سعادة الإنسان في الدين منحصرة في الحكمة العلمية والعملية، والحكمة العملية إنما تحصل بامتثال أوامر الله تعالى ومحافظة حدوده والانتهاء عن مناهيه، والعلم المتكفل ببيانها هو الفقه، وقد اندرج تحت ما ذكرنا أقسامها الثلاثة المشهورة، إذ التخلق بالأخلاق المرضية والاجتناب عن الرذيلة وكيفية معاشرة أهل المنزل والمدينة من جملة أوامر الله تعالى وحدوده ونواهيه. وبهذا ظهر أيضا كون الفقه محتاجا إليه في المصالح الدنيوية، إذ لا يتأتى للإنسان أن يستقل وحده بتحصيل مصالحه فيما يتعلق بمعاشه فلابد من المصالحة والمخالطة لتتم المصالح بالتعاون.
وهي تحتاج إلى حدود مشروعة وزواجر رادعة، وقوانين مضبوطة كي لا يؤدي الأمر إلى الهرج والمرج وإلى أن من غلب سلب. وأما احتياج غيره من العلوم إليه فلأن الفقه وعلم النظر الذي به يتميز الحق من الباطل والصحيح من الفاسد يحتاجان إليه، وأما وثاقة البراهين واستحكام القواعد فأيضا حاصل فيه إذا أكثر قواعده ثبت بأدلة قاطعة، مثل كون الإجماع، والقياس، وخبر الواحد حجة، وإن الخبر المتواتر يفيد العلم
1 / 5
عن من يجعله نظريا. وأما من يجعله ضروريا فالأمر عنده أظهر، وإن النسخ جائز عقلا وواقع شرعا وغير ذلك من قواعده، فظهر بما ذكرنا أن أكثر جهات الشرف حاصل فيه وما عداه من العلوم غير العلم الإلهي فظاهر أنه ليس كذلك فيكون أشرف العلوم بعده، ولأنه ليس نقليا محضا الذي فيه الخطب يسير، ولا عقليا خالصا الذي فيه الأمر عسير والخطب كثير، بل ازدوج فيه العقل والنقل، واجتمع الصعب والسهل، فلا الحاكم السديد فيه معزول، ولا حكم التقليد فيه مقبول، بل هو بين طرفي التفريط والإفراط. وقد قيل: (خير الأمور الأوساط).
1 / 6
ثم أنه مع شرفه وعلو مرتبته ورفعة مكانته قد أصبح مهجور الجناب، مغلوق الباب، قلما يغشاه أحد من أولى الألباب، لأن الدواعي قد فترت عن اكتسابه، وملت عن اقتنائه وتعطلت المدارس عن تعليمه وتعلمه. فدعاني ما في من الشوق إلى تحصيل الفضائل، والتجنب عن الرذائل، أن أصرف طرفا صالحا من العمر إلى تعلم هذا الفن المهجور واستعادة هذا النوع المغمور. فأقبلت على تحصيل أصوله، وجمع فروعه وشذوذه، وتتبع نصوصه وتفتيش فصوصه، فحصلت منه ما قدره لي منحة، واحتويت على ما يسره لي [منه] عطية لا أدعى أنه لب/ (٣/أ) الألباب، وعجب العجاب، فأكون كالمتصلف صورة، وإن لم أك ذاك حقيقة، بل فوضت فيه الأمر إليك لتعرف عند اطلاعك عليه. فإن المادح سلعته لا يفيد رواجها، ولا يحسنها في عين مبتغيها، ثم إني مع قصر باعي وضيق ضرعي وعزة مساعدي وكثرة عوائقي أردت تصنيف كتاب في هذا الفن مشتملا على المباحث الدقيقة والنكت اللطيفة، والأجوبة الشافية، والأسئلة القادحة، مع مراعاة الإنصاف في مواضع الاختلاف، وتجنب الاعتساف، لا لأني مهدي بالتصنيف المذكور إلى طلبة هذا الفن ما يعز وجوده، ولا يكاد يوجد مثله، بل لأغراض:-
أحدها: أن يجد الناظر فيه من زبد المباحث وتفاوت المكاسب مجموعا ما لم يجده في غيره كان متفرقا ومتبددا ليستغنى به عن غيره.
1 / 7
وثانيها: التشبه بالأسلاف الصالحين والراسخين الماضين، وقد قيل: "من تشبه بقوم فهو منهم".
1 / 8
وثالثها: تكثير طرق الخير ونشرها، إذ كلما كثر التأليف كثر طرق تعلمه.
ورابعها: تنشيط الطالبين وتكثير سواد المتعلمين، فإن لكل جديد لذة.
وخامسها: وهو الغرض الأعظم الدعاء ممن ينتفع به فإن المنتفع به وإن كبر لا يخرج عن كونه منتفعا به، كيف وربما ينتفع فيه الشيء لا يوجد فيه غيره، ولما تأكد إرادتي وتصميم عزمي على ذلك شرعت فيه مستعينا بمبتدي النعم قبل استحقاقها، ودافع النقم بعد وجوبها وتحققها، على جمعه وإتمامه، وإراد ما وعدته على أكمل أحواله فإنه خير مجيب ومعين، اللهم اعصمنا من الزلل والخلل، واحفظنا من الملل والعلل، واحرس دواعينا عن الفتور، وخواطرنا عن العثور، ووفقنا بم وفقت به عبادك المخلصين، ووقفنا مواقف المقربين، فإنك ملاذ المحتاجين وكهف المحتاجين يا رب العالمين.
واعلم أن هذا الكتاب الذي نحن بصدده سميناه "بنهاية الوصول في دراية علم الأصول" ليطابق الاسم مسماه والكنية مكناه، ورتبناه على مقدمة وأنواع من الكلام / (٣/ب). أما المقدمة ففيها ثلاثة فصول.
1 / 9
"المقدمة"
وفيها ثلاثة فصول
1 / 11
"الفصل الأول"
في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركبا
وبيان موضوعه وعلته غايته
1 / 13
الفصل الأول
في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركبا وبيان موضوعه وعلة غايته
فإن عند الشعور بها تنبعث الخواطر على الطلب، أما بسائطه فثلاثة الأصل، والفقه، وهيئة التركيب التي هي الإضافة، ونقدم تعريف الفقه لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه تعريفا. فنقول:
الفقه في اللغة: عبارة عن الفهم، قال الله تعالى حكاية عن الكفار ﴿ما نفقه كثيرا مما تقول﴾ أي: لا نفهم، ومنه قول الشاعر:
أرسلت فيها قرما ذا إقحام .... طبا فقيها بذوات الإبلام
1 / 15
وصف القرم بالفقه لكونه فاهما، ومنه سمي الشاعر فقيها في الجاهلية لفهمه المعاني الخفية.
وأما من فسره بأنه عبارة عن فهم غرض المتكلم. فقد زاد قيدا غير معتبر في مفهومه، يدل عليه ما أنشدناه من الشعر، وقوله تعالى: ﴿ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ لأنه نفى عنهم فقه تسبيحهم، وتسبيحهم ليس بالكلام على ما هو مذهب المحققين.
1 / 16
وهو الحق الذي لا يسوغ غيره، إذ لو جوزنا ذلك لأدى إلى السفسطة، فلو كان الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم لم يكن في نفي الفقه عنه منقصة ولا تعيير، لأنه غير متصور لعدم بيانه الكلام.
وقولهم: فلان يفقه الخير والشر وإن لم يكن ذلك بالكلام، ولأن الفهم أعم من فهم غرض المتكلم، فكان الحاجة إليه أكثر وكان جعل اللفظ حقيقة فيه أولى.
ومنهم من قال: إنه عبارة عن الفهم والعلم، فإن أراد به أنه حقيقة فيهما فهو باطل، إذ الاشتراك خلاف الأصل، وإن زعم أنهما مترادفان فهو أيضا: باطل، إذ الفهم غير العلم، لأنه شرطه، والشرط غير المشروط.
بل هو عبارة عن جودة الذهن لقبول ما يرد عليه من
1 / 17
المطالب. وأما العلم فستعرفه إن شاء الله تعالى.
وأما في الاصطلاح: فهو عبارة عن العلم بجملة من الأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين إذا حصل بالنظر والاستدلال على أعيانها.
وإنما فسرنا الفقه بالعلم مع أنه من باب الظنون، لأنه الأحكام معلومة بعد ظن طرائقها. فهو علم بهذا الاعتبار، وظن باعتبار الطريق.
1 / 18
بيانه [أنه] إذا غلب على ظن المجتهد تحقق مناط الوجوب مثلا في صورة، فإنه يقطع بوجوب العلم بمقتضاه، وإن كان كون ذلك الوصف مناطا للوجوب مظنونا، وكونه متحققا في تلك الصورة شرائطه وعدم موانعه كذلك. فالحكم معلوم والظن وقع في طريقه.
وأما / (٤/أ) قول من يقول: إن العلم وقع احترازا عن ظن الأحكام، فإنه وإن تجوز بإطلاق اسم الفقه عليه في العرف العامي فليس فقها في العرف العامي فليس فقها في العرف اللغوي والأصولي ممنوع، وهذا لأن الفقه في اللغة، هو الفهم على ما دللنا عليه وساعدنا هذا القائل عليه وهو في المعلوم والمظنون على السواء فوجب أن يكون حقيقة فيهما، وكذلك في العرف الأصولي إذ لا دليل يدل على أن إطلاق اسم الفقه على الأحكام المظنونة بطريق التجوز بالنسبة إلى اصطلاحهم، وما لا دليل عليه وجب أن لا يثبت، فيكف ما دل الدليل عليه نفيه، إذ المجاز خلاف الأصل لاسيما الشائع الذائع الذي يلزم منه تكثيره.
وقولهم: الفقه عبارة عن العلم بالأحكام، لا يدل عليه لما ذكرنا أن الأحكام معلومة باعتبار وجوب العمل.
1 / 19
وقولنا: بجملة من الأحكام: احترزنا به من العلم بحكم أو حكمين فإنه لا يسمى فقها في اصطلاح الأصول، بدليل أنه لا يسمي صاحبه فقيها.
وقولنا: بجملة من الأحكام خير من قول: القائل: هو العلم بالأحكام، لأن ذلك مشعر بالعموم وهو ليس بشرط، وإلا لوجب أن لا يكون أحد من المجتهدين فقيها، فإن العلم بجميع الأحكام غير حاصل لأحد منهم.
واحترزنا: بالشرعية عن الأحكام العقلية والحسية كالتماثل والاختلاف.
واحترزنا: بقولنا: الثابتة لأفعال المكلفين: عن الأحكام الشرعية العلمية لكون الإجماع والقياس حجة.
واحترزنا: بقولنا: إذا حصل بالنظر والاستدلال: عما يعلم من الأحكام بالضرورة كعلم جبريل والنبي يتلقى الوحي، وعلمنا بوجوب الصلاة والصوم.
واحترزنا: بقولنا: على أعيانها عن العلم المستفتي فإنه إذا استدل على أن ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقه بالطريق المشهور، وهو أن هذا ما أفتى به المفتي وكل ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقي فيلزم أن يكون هذا حكم في حقي، فإنه وإن كان عالما بجملة من الأحكام الشرعية العملية
1 / 20
التي عرفت بالنظر والاستدلال لكن لا يسمى فقها في اصطلاح الأصول، لأنه غير مستدل على عينه، ولذلك لا يسمى العامي المستفتى فقيها وإن كان عارفا بجملة من الأحكام، وأما إذا لم يستدل عليه أصلا فلا حاجة إلى إخراجه بهذا القيد، لأنه خرج بقيد العلم، فإن ذلك لا يسمى علما بل تقليدا.
وأما الأصل فهو في اللغة: ما منه الشيء، لأنه/ (٤/ب)
1 / 21
معنى عام في موارد استعماله، إذ يقال للأب أصل الولد، وللشجر أصل الثمر، وللعنب أصل الخمر. وغير ذلك من صور الاستعمال. فوجب جعله حقيقة فيه دفعا للاشتراك والمجاز.
لا يقال: ما ذكرتم، وإن كان معنى عاما في موارد استعماله لكن أيضا: فيها معنى آخر، وهو كون الشيء محتاجا إليه فلم لا يجوز حقيقة فيه؟ لأنا نقول: لو كان حقيقة فيه: لا طرد حيث وجد هذا المعنى لوجوب اطراد الحقيقة على ما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى، لكنه غير مطرد إذ لا يقال للنفقة والكسوة والأواني والبيوت أصول.
فإن قلت: لا نسلم وجوب اطراد الحقيقة، وهذا لأن الحقيقة قد لا تطرد كالقارورة فإنها فاعولة عن القرار مع إنها لا تطلق على الخوابي [و] سائر الأواني، وكذا لا يطلق الجواد والفاضل والدليل مطلقا على الله تعالى
1 / 22
وإن كان حقيقة في فاعل الدلالة مع تحقيق معانيها اللغوية فيه تعالى.
قلت: نعم لكن المانع. إما شرعي كما في أسامي الله تعالى، فإنه توقيفية وبتقدير كونها قياسية، فإنها يجوز إطلاق مالا يوهم الباطل وهذه الألفاظ ليست كذلك.
أو لغوي كما في القارورة فإن أهل اللغة منعوا من استعماله في غير معناها المعروف، أما حيث لا مانع فإنه يجب الاطراد للاستقراء وتمامه سيأتي إن شاء الله تعالى.
فإن أحالوا عدم الاطراد فيما نحن فيه إلى المانع كي لا يدل عدم الإطلاق على أنه ليس بحقيقة فيه كان جعل ما ذكرنا من المعنى العام مسمى اللفظ أولى مما ذكروه لعدم التعارض.
1 / 23
وأما هيئة التركيب: التي هي الإضافة فهي تفيد اختصاص معنى المضاف بمعنى المضاف إليه، وإنما جعلنا الاختصاص مدلولها دون الملك، كي لا يلزم الاشتراك أو المجاز، إذ هي مستعملة في الاختصاص أيضا كما في قولهم: "جل الفرس وإذا عرفته بحسب الإفراد، فاعرفه الآن بحسب المجموع.
فنقول أصول الفقه: مجموع أدلة الفقه على سبيل الإجمال وكيفية دلالتها على الأحكام وكيفية الحال المستدل بها.
فقولنا: مجموع أدلة الفقه: احترزنا به عن النوع الواحد فإنه وإن كان من أصول الفقه لكنه ليس أصول الفقه فإن بعض الشيء لا يكون نفسه.
1 / 24
وقولنا: أدلة الفقه: لا نعني بها ما يفيد القطع، كما هو في عرف طائفة، بل نعني بها ما يفيد القطع أو الظن ليتناول/ (٥/أ) جميع مداركه.
واحترزنا بقولنا: على سبيل الإجمال: عن علم الخلاف، فإنه وإن بحث فيه عن أدلة الفقه وعن كيفية دلالتها على الأحكام لكن على سبيل التفصيل.
وأما في أصول الفقه فلا يبحث فيه إلا عن كون تلك الأدلة دون وجودها ودلالتها على المسائل الفرعية.
وقولنا: وكيفية دلالتها على الأحكام: أردنا به الشرائط التي بها يصح الاستدلال بتلك الأدلة كالاستدلال بعموم اللفظ إنما يصح بشرط عدم المخصص، وبالحقيقة يشترط عدم قرينة صارفة عن مدلولها.
وقولنا: وكيفية حال المستدل بها: أردنا به أن الذي يدل به حكم الله تعالى إن كان عالما وجب عليها الاجتهاد ويذكر فيه شرائط الاجتهاد وما به يكمل، وإن كان عاميا وجب عليه الاستفتاء ويذكر فيه شرائطه، وممن يستفتى عند اجتماع المجتهدين.
1 / 25