وَلَا يَجُوزُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَهُوَ أَنْ تَقْدُمَ قَافِلَةٌ فَيَلْتَقِيهِمْ إنْسَانٌ خَارِجَ الْبَلَدِ، فَيُخْبِرَهُمْ بِكَسَادِ مَا مَعَهُمْ لِيَبْتَاعَ مِنْهُمْ رَخِيصًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ «نَهَى عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَعِ حَتَّى يَهْبِطَ بِهَا إلَى السُّوقِ». فَإِنْ عَثَرَ الْمُحْتَسِبُ بِمَنْ يَقْصِدُ ذَلِكَ رَدَعَهُ عَنْ فِعْلِهِ، بَعْدَ التَّعْزِيرِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ أَحْمَالَ الْحَطَبِ، وَأَعْدَالَ (^١) التِّبْنِ، وَرَوَايَا (^٢) الْمَاءِ، وَشَرَائِجَ (^٣) السِّرْجِينِ (^٤)، وَالرَّمَادِ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، مِنْ الدُّخُولِ إلَى الْأَسْوَاقِ، لِمَا فِيهِ [مِنْ] (^٥) ا لضَّرَرِ بِلِبَاسِ النَّاسِ، وَيَأْمُرُ جَلَّابِي الْحَطَبِ وَالتِّبْنِ، وَنَحْوِهِمْ إذَا، وَقَفُوا بِهَا فِي الْعِرَاصِ (^٦)، أَنْ يَضَعُوا الْأَحْمَالَ (^٧) عَنْ ظُهُورِ
_________
= ظلم عام، وصاحبه مذموم في الشرع. قال رسول الله ﷺ من احتكر الطعام أربعين يوما ثم تصدق به، لم تكن صدقته كفارة لاحتكاره. وروى ابن عمر عن النَّبِيّ ﷺ أنه قال من احتكر الطعام أربعين يوما فقد بريء من الله، وبريء الله منه، وقيل كأنما قتل نبيا - (في الغزالى، كأنما قتل الناس جميعًا). وعن علي ﵁، من احتكر الطعام أربعين يوما قسا قلبه؛ وعنه ﵁، أنه أحرق طعام محتكر بالنار. وروي من جلب طعاما فباعه بسعر يومه فكأنما تصدق به، وفي آخر فكأنما أعتق رقبة. وقيل في قول الله ﷿: ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، إن الاحتكار من الظلم وداخل تحته في الوعيد. وعن بعض السلف أنه كان بواسط، فجهز سفينة حنطة إلى البصرة، وكتب إلى وكيله بع هذا الطعام يوم يدخل البصرة ولا تؤخره إلى غد. فوافق [ذلك] سعة في السعر، فقال له التجار وإن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافه، فأخره جمعة، فربح فيه أمثاله وكتب إلى صاحبه بذلك. فكتب إليه صاحب الطعام، يا هذا إنا كنا قنعنا برح يسير مع سلامة ديننا، وإنك قد خالفت، وما نحب أن نريح أضعافه بذهاب شيء من الدين، فقد جنيت علينا جناية، فإذا أتاك كتابي هذا فخذ المال كله، فتصدق به على فقراء البصرة، وليتنى أنجو من اثم الاحتكار كفافا، لا على ولا لي.
(^١) الأعمال جمع عدل، وهو حمل بعير، ويقدر بنحو ستين صاعا، ويسمي العدل باسم الوسق أيضًا. (المخصص، جـ ١٢، ص ٢٦٦).
(^٢) الروايا جمع راوية، وهي وعاء مصنوع من جلد الثور، يسع أربع قرب، والقربة سعة جلد ماعز من الماء؛ ويحمل الجمل راويتين عادة. انظر (ابن الحاج: المدخل، جـ ٤، ص ١٧٨، ١٧٩؛ Lane: op. Cit. p. ٣٢٩) .
(^٣) الشرائج جمع شريجة، وهي القفص من سعف النخل. (القاموس المحيط).
(^٤) السرجين لفظ أصله فارسي (سركين)، ومعناه الدمن أو الزبل. انظر الجواليقى (المعرب،
ص ١٨٦؛ Zenker: Dictionnaire Turc - Arabe - persan) .
(^٥) الإضافة من ل، هـ.
(^٦) في س "العراض"، وما هنا من م. والعراص جمع عرصه، وهي المكان الواسع الذي لا بناء فيه. (لسان العرب).
(^٧) في س "إن يضعوها"، وما هنا من ع، وهو أوضح المعنى.
1 / 13