والأول : باطل وإلا لزم التسلسل ، فإن الوجود لو كان موجودا لكان مساويا للموجودات في الوجود ومخالفا لها بخصوصيته ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فالوجود المشترك بين الوجود وبين سائر الماهيات الموجودة مغاير لخصوص ماهية الوجود التي بها الامتياز ، فيكون للوجود وجود آخر ويتسلسل.
والثاني : باطل أيضا ، لامتناع اتصاف الشيء بنقيضه (1)، فتعين الثالث ، وهو : أن لا يكون الوجود موجودا ولا معدوما ، وذلك هو الواسطة.
** الثاني :
أما الأول : فظاهر ، فإنا نعلم أن بين السواد والبياض اشتراكا في اللونية لا في مجرد الاسم ، فإنا لو سمينا السواد والحركة باسم واحد ، ولم نضع للسواد والبياض اسما ، لكنا نعلم بالضرورة أن بين السواد والبياض اشتراكا معنويا دون السواد والحركة. ولأن (2) العلوم المتعلقة بالمعلومات المختلفة متغايرة مختلفة ، مع أنا نحد العلم بحد واحد بحيث يندرج فيه العلم القديم والحادث ، والعلم بالجوهر والعرض ، فيكون العلم وصفا مشتركا. ولأن (3) الأعراض مشتركة في العرضية ولهذا انحصر التقسيم في قولنا : الممكن إما جوهر أو عرض ، ولو لا اشتراكه لما انحصر ، كما لا ينحصر إذا قلنا : الممكن إما جوهر أو سواد.
وأما الثاني : فلأن الاشتراك يقتضي تعدد الجهة في الماهيات المشتركة بحيث يكون فيها جهة اشتراك وجهة امتياز (4)، فهاتان الجهتان إن كانتا موجودتين لزم قيام العرض بمثله. وإن كانتا معدومتين لزم الحكم بكون هذه الماهيات معدومة ، وهو باطل بالضرورة ، فتعين أن لا تكون موجودة ولا معدومة.
Página 81