191

El fin de la concisión en la biografía del residente de Hejaz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Editorial

دار الذخائر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٩ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

الفصل الثالث فى خروجه ﷺ إلى الطائف قبل هجرته إلى المدينة المشرّفة
لما توفى عمه أبو طالب في السنة العاشرة من البعثة، بعد ما خرج من الحصار بالشعب بثمانية أشهر وأحد وعشرين يوما، وله بضع وثمانون سنة، نالت قريش من النبى ﷺ ما لم تكن نالته في حياته، فهاجر إلى الطائف «١» فى شوال سنة عشر من البعثة، وهو مكروب مشوّش الخاطر مما لقى من قريش، ومن قرابته وعترته، خصوصا من أبى لهب وزوجته حمالة الحطب من الهجو والسب والتكذيب، فكانت تتجاذبه قريش وتقول له: أنت الذى جعلت الالهة إلها واحدا!!
فخرج إلى الطائف مع مولاه زيد بن حارثة يلتمس من ثقيف الإسلام، رجاء أن يسلموا، وأن يناصروه على الإسلام ويقوموا معه على من خالفه من قومه؛ لأنهم كانوا أخواله، فلم يجد منهم ذلك.
ومن خروجه ﷺ إلى الطائف عند ضيق صدره وتعب خاطره جعل الله الطائف مستأنسا لأهل الإسلام ممن بمكة إلى يوم القيامة.
ولما انتهى ﷺ إلى الطائف عمد إلى سادات ثقيف وأشرافهم، وكانوا إخوة ثلاثة أولاد عمرو بن عمير ابن عوف الثقفي، وهم: عبد ياليل واسمه كنانة، وعبد كلال بضم الكاف وتخفيف اللام، ولم يعرف لهما إسلام، وحبيب، قال الذهبي: وفي صحبته نظر «١» . وجلس ﷺ إليهم وكلمهم فيما جاءهم به من نصرة الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه، فلم يجيبوه إلى شيء من ذلك، فقام ﷺ من عندهم وقد أيس، وقال لهم: اكتموا عليّ، وكره أن يبلغ قومه ذلك فيشتد أمرهم عليه، وقالوا له: «اخرج من بلدنا والحق بمنجاتك من الأرض»، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبّونه ويرمونه بالحجارة، حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة، فلما دخل الحائط رجعوا عنه. فلما راه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلاما لهما نصرانيا

(١) أى شك.

1 / 135