El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
وقد سلك الأستاذ أبو إسحاق الاسفرائيني رحمه الله منهاجا آخر فقال دلت الأفعال بإتقانها وإحكامها على أنه تعالى عالم ويستحيل أن يعلم شيئا ولا يخبر عنه فإن الخبر والعلم يتلازمان فلا يتصور وجود أحدهما دون الثاني ومن لا خبر عنده عن معلومه لا يمكنه أن يخبر غيره عنه ومن المعلوم أن الباري يصح منه التكليف والتعريف والإخبار والتنبيه والإرشاد والتعليم فوجب أن يكون له كلام وقول يكلف ويعرف ويخبر وينبه بذلك فإذا ثبتت هذه الدلائل كونه متكلما.
فنقول إما أن يقال هو متكلم لنفسه أو متكلم بكلام ثم إن كان متكلما بكلام فإما أن يكون كلامه قديما أو حادثا وإن كان حادثا فإما أن يحدث في ذاته أو في محل أو لا في محل ولا قائل بكونه متكلما لنفسه من المعتزلة وغيرهم إذ لو كان يعم تعقله أزلا وأبدا ولا قائل بكلام يخلقه لا في محل لأن في نفي المحل نفي الاختصاص وفيه إبطال التفرقة بين ما يقوم بنفسه وبين ما لا يقوم بنفسه ومن قال هو متكلم بكلام يحدثه في ذاته كما صارت إليه الكرامية فقد سبق الرد عليهم ومن قال هو متكلم بكلام يخلقه في محل كما صار إليه المعتزلة فقد خالف قضية العقل فإن الكلام لو قام بمحل لكان المحل متصفا به دون غيره من الفاعل وغيره كما لو تحرك متحرك بحركة يخلقها الله لم يرجع أخص وصفها إلى الفاعل وكذلك سائر الأعراض فبقي أنه متكلم بكلام قديم أزلي يختص به قياما ووصفا وذلك ما أثبتناه.
Página 92