El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
قال المتكلمون لا ننازعكم في اصطلاحكم على أن الخير المحض ما هو أوان الخير المحض ممن هو وإن النظام في العالم متوجه إلى كمال في الوجود وإنما النزاع بيننا في الخيرات التي تتعلق بأفعال العباد وإكسابهم مثل الاعتقادات الفاسدة والجهالات الباطلة والأخلاق الردية والأفعال القبيحة أهي حاصلة بإرادتنا دون إرادة الباري أم هي مرادة له عز وجل وما سوى ذلك من الصور القبيحة والحيوانات المؤذية والآفات السماوية والعاهات الأرضية وما يتبعها من الهموم والغموم والآلام والأوجاع فلا نزاع فيها أهي خيرات أم شرور ولا نقول هي خيرات ومصالح وتحت كل منها شر ومع كل بلاء ومحنة لطف وفي كل فتنة وآفة صلاح ولكل حيوان يؤذي خاصية ومودع في كل جسم من الأجسام منفعة ومضرة وكل مضرة فبالنسبة إلى شيء آخر منفعة لكنا نلزمكم أمرا كليا فإن عندكم الوجود كله بما فيه من الروحاني والجسماني صادر عن الأول على الترتيب المذكور صدور اللوازم عن الشيء وما كان على سبيل اللوازم فهو بالقصد الثاني أشبه منه بالقصد الأول فما الفرق بين الشرور الواقعة في الكائنات وكونها مقتضية بالعرض وبين أصل الكون والكائنات وحصولها على سبيل اللزوم فليس إذا في الوجود شيء هو مقتضى بالذات حتى يكون شيء آخر هو مقتضى بالعرض وما ذكرتموه من حد الخير أنه يتشوقه الكل فهو الخير المحض وهو المراد لا المريد وما سواه فليس بخير ولا مراد إذ لا يتشوقه الباري تعالى فلم يرده ويرجع الكلام إلى شبه الطامات وقولكم أنه إذا علم النظام وأبدعه فقد أراده فجعلتم الإرادة مركبة من سلب وإضافة أما السلب فمن جهة أنه عالم أي غير محتجب عن ذاته بذاته وأما الإضافة فمن جهة أنه مبدأ النظام الخير والنظام في الوجود تابع ولازم لكونه عالما والشر في الوجود لازم وتبع للنظام فما الفرق بين لازم ولازم وعندكم الجزئيات معلومة تتبع الكليات والكليات معلومة تبعا لعلمه وهي معلومة على منهاج كونها معلومة فالشر والقبائح يجب أن تكون مرادة على منهاج كونها معلومة وقولكم الشر المحض ليس بموجود أصلا فإن الوجود اشتمل على الخير أو هو خير كله.
فنقول أثبتم ترتيبا في الوجود حتى قضيتم بأن الوجود في بعض الموجودات أول وأولى وفي بعضها لا أول ولا أولى فهلا أثبتم فيه تضادا أيضا حتى تحكموا بأن الوجود في بعض الموجودات خير كله وفي بعضها شر كله وقد سمعتم من أصحاب الشرائع إثبات الملائكة الروحانيين وذلك خير كله وإثبات الشياطين وهذا شر كله وأصحاب الأصلين النور والظلمة يقرون عليكم السلام للإلزام وأصحاب الكلام يلزمونكم إثبات موجودات العالم غير مستندة إلى الموجد كأنها وقعت اتفاقا لا قصدا أو حدثت فلتة لا إرادة واختيارا فإن كانت لا مستند لها فهي مخلوقة لا خالق لها وإن كان مستندها خيرا محضا فكيف يصدر الشر من الخير وإن كان مستندها شرا محضا فالشر المحض لا وجود له عندكم فما الجواب وكيف الخروج عن عهدة الخطاب.
Página 90