El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
وقالت طائفة من الشيعة لا يجوز التعطيل من الأسماء الحسنى ولا يجوز التشبيه بالصفات التي يشترك فيها الخلق فيطلق على الباري سبحانه الوجود وندعوه بأحسن الأسماء وهو العليم القدير السميع البصير إلى غير ذلك مما ورد في التنزيل لكن لا بمعنى الوصف والصفة لأن عليا عليه السلام كان يقول في توحيده لا يوصف بوصف ولا يحد بحد ولا يقدر بمقدار الذي كيف الكيف لا يقال له كيف والذي أين الأين لا يقال له أين لكنا نطلق الأسماء بمعنى الإعطاء فهو موجود بمعنى أنه يعطي الوجود وقادر وعالم بمعنى أنه واهب العلم للعالمين والقدرة للقادرين حي بمعنى أنه يحيي الموتى قيوم بمعنى أنه يقيم العالم سميع بصير أي خالق السمع والبصر ولا نقول أنه عالم لذاته أو يعلم بل هو إله العالمين بالذات والعالمين بالعلم وعلى هذا المنهاج يسلكون في إطلاق الأسامي وكذلك الواحد والعليم والقدير وينسب إلى محمد بن علي الباقر أنه قال هل سمي عالما إلا أنه واهب العلم للعالمين وهل سمي قادرا إلا لأنه واهب القدرة للقادرين وليس هذا قولا بالتعطيل فإنه لم يمنع من إطلاق الأسامي والصفات كمن امتنع وقال ليس بمعدوم ولا موجود ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز ولكنه استدل بالقدرة في القادرين على أنه قادر وبالعلم في العالمين على أنه عالم وبالحياة في الأحياء على أنه حي قيوم واقتصر على ذلك من غير خوض في الصفات بأنها لذاته أو لمعاني قائمة بذاته كيلا يكون متصرفا في جلاله بفكره العقلي وخياله الوهمي وقد اجتمع السلف بل الأمة على أن ما دار في الوهم أو خطر في الخيال والفهم فالله سبحانه خالقه ومبدعه ولا محمل لقول علي صلوات الله عليه وسلامه لا يوصف بوصف إلا هذا الذي ذكرناه.
القاعدة السادسة
في الأحوال
اعلم أن المتكلمين قد اختلفوا في الأحوال نفيا وإثباتا بعد أن أحدث أبو هاشم بن الجباي رأيه فيها وما كانت المسئلة مذكورة قبله أصلا فأثبتها أبو هاشم ونفاها أبوه الجباي وأثبتها القاضي أبو بكر الباقلاني رحمه الله بعد ترديد الرأي فيها على قاعدة غير ما ذهب إليه ونفاها صاحب مذهبه الشيخ أبو الحسن الأشعري وأصحابه رضي الله عنهم وكان إمام الحرمين من المثبتين في الأول والنافين في الآخر والأحرى بنا أن نبين أولا ما الحال التي توارد عليها النفي والإثبات وما مذهب المثبتين فيها وما مذهب النافين ثم نتكلم في أدلة الفريقين ونشير إلى مصدر القولين وصوابهما من وجه وخطأيهما من وجه.
أما بيان الحال وما هو أعلم أنه ليس للحال حد حقيقي يذكر حتى نعرفها بحدها وحقيقتها على وجه يشمل جميع الأحوال فإنه يودي إلى إثبات الحال للحال بل لها ضابط وحاصر بالقسمة وهي تنقسم إلى ما يعلل وإلى ما لا يعلل وما يعلل فهي أحكام لمعان قائمة بذوات وما لا يعلل فهو صفات ليس أحكاما للمعاني.
Página 44