El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
والدليل على ما ذكرناه أنا بالتواتر المفضي إلى اليقين علمنا أن النبي عليه السلام لما أظهر الدعوة دعا الناس إلى كلمتي الشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله ونعلم قطعا أنه لم يرض منهم في هذه الشهادة بمجرد القول مع إضمار خلافه في القلب إذ قرر لهذا المعنى قوما سماهم منافقين وسماهم الكتاب بذلك مع نفي الإيمان عنهم كما قال تعالى " ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين " ونسبهم إلى الكذب وسماهم كاذبين في غير آي من الكتاب والله يشهد أن المنافقين لكاذبون والكرامي يشهد أن المنافقين لصادقون فقد علم من ذلك قطعا أن التصديق بالقلب ركن وهو الركن الأعظم إذ الإقرار باللسان يعبر عنه ونعلم قطعا أن النبي عليه السلام كما لم يرض منهم بمجرد القول ما لم يقترن به عقد لم يكلف جميع الخلق معرفة الله تعالى كما هو لأن ذلك غير مقدور للخلق وأقرب دليل على ذلك أنه تعالى يعلم جميع معلوماته على التفصيل ويعلم أنه يخلق جميع مخلوقاته على التفصيل ويعلم جميع مراداته من الخلق وللخلق وليس يعلم العبد ذلك ولا يقدر أن يعلم ولم يكلف إلا أن يعرف أنه لا إله إلا الله وتكون معرفته مستندة إلى دليل جلي كما ورد به التنزيل وإلا فتكليف ذلك شطط لا يستطاع فثبت القول والعقد مصدرا ومظهرا وقد يكتفى بالمصدر في القلب إذا لم يقتدر على الإتيان بالإقرار باللسان لكن في حكم الله تعالى الإشارة في حق الآخرين تنزل منزلة العبارة في حق الناطق وقصة الخرساء أعتقها فإنها مؤمنة دليل على صحة ما ذكرناه في أصل الإيمان وقدره بقي كون العمل ركنا أو واجبا تابعا.
فتقول المرجئة بإرجاء العمل كله عن القول والعقد حتى قالت لم يضر العبد إن لم يأت بطاعة واحدة.
وتقول الوعيدية بكونه ركنا من الأركان أن العبد تخلده الكبيرة في النار مع الكفار حتى قالت يسلب اسم الإيمان عمن ترك طاعة واحدة وكلا المذهبين مردود.
أما الأول فيرفع معظم التكاليف من الأوامر والنواهي ويفتح باب الإباحة ويفضي إلى الهرج وإذ ورد في الشرع بذلك كله وربط بكل حركة من حركات الإنسان حكما بحكم أنه إن لم تضره المعاصي لم تنفعه الطاعات وأنه إن لم يكن مؤاخذا بترك ما أمر به لم يكن مثابا بامتثال ما أمر.
Página 166