El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
فمن ذلك حشر الأجسام وبعث من في القبور من الأشخاص فاعلم أنه لم يرد في شريعة ما من الدلائل أكثر مما ورد في شرعنا من حشر الأجسام وكأن الزمان لما كان مقرونا بالقيامة كانت الآية أصرح بها والبينات أدل عليها ومفارقة الأرواح للأجساد وبقاء الأرواح قد اعترف بها الحكماء الإلهيون وحشر الأجساد لما كان ممكنا في ذاته وقد ورد به الصادق وجب التصديق بذلك من غير أن يبحث عن كيفية ذلك إذ الرب تعالى قادر على الإعادة وقدرته على الإنشاء والابتداء فيحيي العظام وهي رميم كما أنشأها أول مرة وكما يحيي الأرض بعد موتها كل ربيع كذلك يحيي الموتى ودليل من رام إثباته على طريق الحكمة هو أن النفوس الجزئية إذا فارقت الأبدان ولم تستقر في تصوراتها عن آلات جسمانية احتاجت إلى الأبدان ضرورة وإلا كانت معذبة فإن سعادتها في تصوراتها إنما تكون بآلاتها والآلات إنما تتحقق إذا عادت بسعيها كما كانت فمن قال بحشر الأجسام وفى بقضية الحكمة إذ وفر على كل نفس حظها من كمالها اللائق بها وإعطاءها جزاءها على مقدار سعيها ومن نفى ذلك قضى بالحشر على نفس أو نفسين في كل عصر قد تجردت عن المواد الجسمانية وقضى بالتعذيب على كل نفس في العالم وذلك يناقض الحكمة وأيضا فإن الترتيب بين كل نفس ونفس حاصل في الدنيا وإذا فارقت النفس البدن فإما أن يزول الترتيب حتى يستوي الحال بين من حصل لنفسه علوما كثيرة وبين من اشتمل على جهالات كثيرة وإما أن يثبت الترتيب وليس في ذلك العالم جنة ولا نار عندهم فيحصل لهم بذلك لذة أو ألم إذ لا نعمة ثم معدة لأهل السعادة ولا عذاب مدخر لأهل الشقاوة وإنما اللذة والألم والنعمة والعذاب تنشأ من كل نفس أو لازم كل نفس بحسب ما استعدت له من العلم والجهل إلى تناقضات كثيرة أوردنا لذكرها رسالة في المعاد.
وأما سؤال القبر وعذابه فقد ورد بهما الخبر الصحيح في كم موضع حتى بلغ الاستفاضة وهو حق وأما وجه ذلك على الطريقة المرضية ليس ذلك للروح المجرد خاصة ولا للبدن على هذه الهيئة المشاهدة حتى يلزم عليه ما يناقض الحس ولو كان الخطاب أعني خطاب الملكين خطابا بالاعتقاد المجرد لكان التزام الاعتقاد على الروح المجرد ولو كان الخطاب بالاعتقاد دون القول والعمل جميعا لكان يشترط فيه حشر الجسد على الصورة المخصوصة لكنه خطاب يقتضي عقدا وجوابا من حيث القول من ربك وما دينك ومن نبيك فلو كان الرجل حيا وتوجه عليه هذا الخطاب استدعي منه فهما للخطاب وجوابا والأجزاء الفاهمة من الإنسان والناطقة أجزاء مخصوصة وتلك الأجزاء مستقلة بالجواب وإن كان الشخص من حيث هو شخص غير مستشعر بذلك كالنائم مثلا أو كالسكران فيجوز أن يحيي الله تعالى تلك الأجزاء ويكون السؤال متوجها عليها من حيث أنها فاهمة وناطقة ثم يكون الحشر بعده للشخص بصورته إذ السؤال متوجه عليه حتى يخرج عن عهدة العقد والقول والعمل.
وأما الميزان فقد ورد الكتاب العزيز به في قوله تعالى " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " وقد قيل أن الموزون به جسم أما كاغد مكتوب عليه خيرات العباد وشروره ثم يخلق الله فيه ثقلا أو خفة فيترجح به الميزان والأحرى أن يقال أن لكل شيء في العالم ميزان لائق بوجود ذلك الشيء فميزان ما يقبل الثقل والخفة المعيار والميزان المعهود وميزان المكيلات الكيل والمذروعات الذرع والمسافات الفراسخ والأميال والمعدودات العدد وميزان الأعمال والأقوال ما يكون لائقا بها والله أعلم بما أراد.
وأما الحوض والشفاعة فالحوض يجري على ظاهره وهو كالأنهار التي تكون في الجنة من شرب منه شربة في القيامة لم يظمأ بعدها أبدا.
Página 164