El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
وحققوا زيادة تحقيق فقالوا قد ورد في التنزيل أظهر مما ذكرناه من الأمر وهو التعرض لإثبات كلمات الله تعالى حيث قال عز من قائل " وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته " ثم قال " ولولا كلمة سبقت من ربك " وقال " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي " وقال ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله " وقال " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم وكذلك حقت كلمة العذاب " فتارة يجي الكلام بلفظ الأمر وتثبت له الوحدة الخالصية التي لا كثرة فيها " وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " وتارة يجي بلفظ الكلمات وتثبت لها الكثرة البالغة التي لا وحدة فيها ولا نهاية لها " ما نفدت كلمات الله " فله إذا أمر واحد وكلمات كثيرة ولا يتصور إلا بحروف فعن هذا قلنا أمره قديم وكلماته كثيرة أزلية والكلمات مظاهر الأمر للأمر والروحانيات مظاهر الكلمات والأجسام مظاهر الروحانيات والإبداع والخلق إنما يبتدئ من الأرواح والأجسام أما الكلمات والحروف فأزلية قديمة فكما أن أمره لا يشبه أمرنا وكلماته وحروفه لا تشبه كلماتنا وهي حروف قدسية وعلوية وكما أن الحروف بسائط الكلمات والكلمات أسباب الروحانيات والروحانيات مدبرات الجسمانيات وكل الكون قائم بكلمة الله محفوظ بأمر الله تعالى ولا يغفل عاقل عن مذهب السلف وظهور القول في حدوث الحروف فإن له شأنا وهم يسلمون الفرق بين القراءة والمقروء والكتابة والمكتوب ويحكمون بأن القراءة التي هي صفتنا وفعلنا غير المقروء والذي ليس هو صفة لنا ولا فعلنا غير أن المقروء بالقراءة قصص وأخبار وأحكام وأوامر وليس المقروء من قصة آدم وإبليس هو بعينه المقروء من قصة موسى وفرعون وليس أحكام الشرائع الماضية هي بعينها أحكام الشرائع الخاتمة فلا بد إذا من كلمات تصدر من كلمة وترد على كلمة ولا بد من حروف تتركب منها الكلمات وتلك الحروف لا تشبه حروفنا وتلك الكلمات لا تشبه كلامنا كما ورد في حق موسى عليه السلام سمع كلام الله كجر السلاسل وكما قال المصطفى صلوات الله عليه في الوحي أحيانا يأتيني كصلصلة الجرس وهو أشد علي ثم يفصم عني وقد وعيت ما قال والله أعلم.
القاعدة الرابعة عشرة
في حقيقة الكلام الإنساني والنطق النفساني
ذهب النظام إلى أن الكلام جسم لطيف منبعث من المتكلم ويقرع أجزاء الهوى فيتموج الهوى بحركته ويتشكل بشكله ثم يقرع العصب المفروش في الأذن فيتشكل العصب بشكله ثم يصل إلى الخيال فيعرض على الفكر العقلي فيفهم وربما يقول الكلام حركة في جسم لطيف على شكل مخصوص ثم تحير في أن الشكل إذا حدث في الهوى أهو شكل واحد يسمعه السامعون أم أشكال كثيرة وإنما أخذ مذهبه في هذه المسئلة وغيرها من المسائل من مذهب الفلاسفة غير أنه لم يفهم من كلامهم إلا ضجيجا ولم يورده نضيجا.
Página 110