El fin del valor en la ciencia de la palabra
نهاية الإقدام في علم الكلام
Géneros
قالت المعتزلة إثبات صفات نفسية لذات واحدة غير مستحيل لكن إثبات خواص مختلفة وصفات متضادة لشيء واحد هو المستحيل ومن المعلوم أن الأمر والنهي يتضادان ولهما خاصيتان مختلفتان فإثبات ذلك لكلام واحد محال ونحن لا ننكر اختلاف الأسامي لشيء واحد لاختلاف الوجوه والاعتبارات لكنا ننكر اختلاف الخواص المتباينة لشي واحد ولا نشك أن كون الكلام أمرا ونهيا ليس من جملة النسب والإضافات فإن الصفات الإضافية تتحقق عند الإضافة ولا يتحقق عند رفع الإضافة ويتطرق إليها التبدل والتغير وليس كون الكلام أمرا ونهيا مما يتحقق عند الإضافة بل هما من أخص أوصاف الكلام سواء لاحظنا جانب المتعلق أو لم نلاحظ وكذلك لو رفعنا المتعلق عن الوهم لم يخرج الكلام عن كونه أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا والعلم بالقديم والحادث علم بالشيء على ما هو به وهو صفة صالحة لدرك ما يعرض عليه سواء كان قديما أو حادثا وجودا أو عدما والذي يوازيه في تعلقه تعلق الأمر بمأمور معين وتعلقه بمأمور آخر فاختلاف المأمورين كاختلاف المعلومين ثم اختلاف المعلومين لا يستدعي اختلاف العلمين كذلك اختلاف المأمورين لا يستدعي ولا يستدعي اختلاف الأمرين لكن كلاما هو في نفسه أمر وهو في نفسه نهي اختلاف وصفين متضادين لشيء واحد وهو محال ونظيره العرض في شموله أقسام الأعراض المختلفة الخواص إذ يستحيل أن يكون للعرض ذات محققة على حيالها وهي في ذواتها علم وقدرة وحياة ولون وكون وقولكم أن الكلام مختلف الأوصاف لا مختلف الأقسام غير صحيح بل الأمر والنهي والخبر والاستخبار أقسام الكلام والكلام منقسم إلى ذلك إذ كل قسم ممتاز بخاصيته وحقيقته عن القسم الآخر واسم الكلام كالجنس لها لا كالموصوف بها ومن أمحل ما ذكرتموه قولكم ما هو أقسام في الشاهد فهو أوصاف في الغائب والحقائق كيف تتبدل والمعقولات كيف تتفاوت وهل ذلك إلا رفع الحقائق وحسم الطرائق.
وأما إلزام الحال فالجواب عنه أن المصحح للمختلفات المتضادات لشيء واحد غير وثبوت المختلفات المتضادات لشيء واحد غير فإن الحياة مصححة للعلم والجهل والقدرة والعجز والإرادة والكراهة إلى غير ذلك من المعاني التي يشترط في ثبوتها الحياة ولا يلزم ذلك ثبوت المختلفات المتضادات لحي واحد ونحن إذا أثبتنا حالا فهي مصححة أو في حكم المصحح ولم نثبت مختلفات متضادة لشيء واحد فهذا هو الفرق.
وربما يجيب المتفلسف عن إلزام الفيض المختلف عن العقل الواحد فيقول أنا أقول كما أن العقل واحد ففيض العقل أيضا واحد لكن القوابل والحوامل تختلف فيختلف الفيض باختلاف المفيض كالشمس إذا أشرقت على زجاجات مختلفة الألوان أعطت كل زجاجة لونا خاصا لائقا بلونها القابل فتعدد الصور واختلافها إنما حصل من جانب المفيض لا من جانب الفائض وأنتم أثبتم كلاما واحدا وهو في نفسه أمر ونهي وخبر واستخبار فتعدد الخواص واختلافها فيه إنما حصل من جانب المتعلق لا من جانب المتعلق فلم تستقم التسوية بين البابين بالتعلق والفيض.
وأما كلامنا في المبدأ ووجوب الصفات له فأبعد في باب التنزيه عن الكثرة وأعلى في منهاج التقديس عن اختلاف الخواص له والصفات كلها راجعة إلى ذات واحدة هي واجبة الوجود بذاتها ووجودها مستند الموجودات كلها من غير أن يثبت له منها كمال أو يحدث له صفة وهو تعالى بكمال جلاله عديم الاسم والصفة من حيث ذاته وإنما يقال له اسم وصفة من حيث آثاره فقط وآثاره فاعليته الصادرة عنه لامعا بل على ترتيب الأول والثاني من غير أن يحدث كمال في ذاته لم يكن أو يستكمل من حادث كمالا كان جل جلاله بذاته وتقدست أسماؤه لصفاته.
Página 102