Nihaya Fi Gharib
النهاية في غريب الأثر
Editor
طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي
Editorial
المكتبة العلمية - بيروت
Ubicación del editor
١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ «مَنْ كَانَتْ فَتْرتُه إِلَى سُنّة فَلَأَمٍّ مَا هُو» أَي قَصَدَ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، يُقَالُ أَمَّهُ يَؤُمُّهُ أَمًّا، وتَأَمَّمَهُ وتَيمَّمه. ويَحتمل أَنْ يَكُونَ الأَمُّ، أُقِيمَ مُقام الْمَأْمُومِ، أَيْ هُوَ عَلَى طَرِيقٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقْصد، وَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهِ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كانُوا يَتَأَمَّمُون شِرَارَ ثِمَارهم فِي الصَّدَقَةِ» أَيْ يَتَعمَّدون وَيَقْصِدُونَ.
ويُروى «يَتَيَمَّمون»، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ «وانطَلقْت أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّه ﷺ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «ثُمَّ يؤمَرُ بِأَمِّ الْبَابِ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ غَمٌّ أَبدا» أَي يُقْصَد إِلَيْهِ فَيُسَدُّ عَلَيْهِمْ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَمًا مَا ثَبَتَت الْجُيُوشُ فِي أَمَاكِنِهَا» الأَمَم: القُرْب، واليَسِير.
(أَمِنَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «المُؤْمِن» هُوَ الَّذِي يَصْدُق عبادَه وعْدَه: فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ:
التَّصديق، أَوْ يُؤَمِّنُهُمْ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ عَذَابِهِ، فَهُوَ مِنَ الأَمَان، والأَمْن ضِدُّ الْخَوْفِ.
(هـ) وَفِيهِ «نَهْرانِ مُؤْمِنَانِ ونهرَانِ كَافِرَانِ، أَمَّا الْمُؤْمِنَانِ فالنّيِل وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْكَافِرَانِ فَدِجْلَةُ وَنَهْرُ بَلْخَ» جَعَلَهُمَا مُؤْمِنَيْنِ عَلَى التَّشْبيه، لِأَنَّهُمَا يَفِيضان عَلَى الْأَرْضِ فيَسقِيان الحرْث بِلَا مَؤونة وكُلْفة، وَجَعَلَ الآخَرَيْن كافِرَين لِأَنَّهُمَا لَا يسْقيان وَلَا يُنْتَفَع بِهِمَا إلاَّ بِمَؤُونَةٍ وكُلْفة، فَهَذَانِ فِي الْخَيْرِ والنَّفْع كالمؤمنَين، وَهَذَانِ فِي قِلَّة النَّفْعِ كالكافِرَين.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» قِيلَ مَعْنَاهُ النَّهْيُ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الخَبر. وَالْأَصْلُ حَذْفُ الْيَاءِ مِنْ يَزْنِي، أَيْ لَا يَزْنِ المؤمنُ وَلَا يَسْرِق وَلَا يشْرَب» فإنَّ هَذِهِ الأفعالَ لَا تَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ هُوَ وَعِيدٌ يُقْصَد بِهِ الرَّدْعُ، كَقَوْلِهِ ﷺ «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» «وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» . وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَزْنِي وَهُوَ كَامِلُ الْإِيمَانِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ الْهَوى يُغَطِّي الْإِيمَانَ، فَصَاحِبُ الهوَى لَا يَرى إلاَّ هوَاه وَلَا يَنْظُرُ إِلَى إِيمَانِهِ النَّاهِي لَهُ عَنِ ارْتِكَابِ
1 / 69