263

Nihaya Fi Gharib

النهاية في غريب الأثر

Investigador

طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي

Editorial

المكتبة العلمية - بيروت

Ubicación del editor

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَأَمْسَكَ اللَّهُ جِرْيَة الْمَاءِ» هِيَ بِالْكَسْرِ: حَالَةُ الجَرَيَان.
وَمِنْهُ «وَعَالَ قَلَمُ زكرِيّا الجِرْيَةُ، وجَرَتْ الْأَقْلَامُ مَعَ جِرْيَةِ الْمَاءِ» كلُّ هَذَا بالكَسر.
بَابُ الْجِيمِ مَعَ الزَّايِ
(جَزَأَ)
- فِيهِ «مَنْ قَرأ جُزْءَهُ مِنَ اللَّيْلِ» الجُزْءُ: النَّصِيب وَالْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَجْزَاء.
وجَزَأْتُ الشّيءَ: قَسَمْتُه، وجَزَّأْتُهُ للتَّكْثِير.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الرُّؤيا الصَّالحة جُزْءٌ مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوّة» وَإِنَّمَا خصَّ هَذَا الْعَدَدُ لِأَنَّ عُمْر النبي ﷺ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ- كَانَ ثَلاَثًا وَسِتِّينَ سَنَة، وَكَانَتْ مُدّة نُبُوّته مِنْهَا ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة؛ لِأَنَّهُ بُعث عِنْدَ اسْتيفاء الْأَرْبَعِينَ، وَكَانَ فِي أَوَّلِ الأمْر يرَى الوحْي فِي الْمَنَامِ، وَدَامَ كَذَلِكَ نِصْفَ سَنة، ثُمَّ رَأَى الملَك فِي اليَقَظة، فإذَا نُسِبَتْ مُدّة الوَحْي فِي النَّوم- وَهِيَ نِصْف سَنَة- إِلَى مُدّة نُبُوَّته، وَهِيَ ثَلَاثٌ وعِشْرون سَنَةً، كَانَتْ نِصْفَ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وعِشْرين جُزْءًا. وَذَلِكَ جُزْءٌ وَاحدٌ مِنْ ستَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا. وَقَدْ تعاضَدَت الرِّوَايَاتُ فِي أَحَادِيثِ الرُّؤيا بِهَذَا العدَد، وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا «جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا» وَوَجْه ذلك أن عُمْرَه ﷺ لَمْ يكُن قَدِ اسْتَكْمَل ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَمَاتَ فِي أثْناء السَّنة الثَّالِثَةِ وَالسِتِّينَ، ونِسْبَة نِصْف السَّنة إِلَى اثْنَتَيْن وَعِشْرِينَ سَنَة وبَعْضِ الأخْرَى نِسْبَةُ جُزْءٍ مِنْ خَمْسة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ» وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى مَن رَوَى أَنَّ عُمْره كَانَ سِتِّينَ سَنَةً، فَيَكُونُ نِسْبة نِصْف سَنة إِلَى عِشْرِينَ سَنة كنسْبة جُزْءٍ إِلَى أَرْبَعِينَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الهَدْيُ الصَّالح والسَّمْتُ الصَّالح جُزْءٌ مِن خَمْسة وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبوّة» أَيْ أنَّ هَذِهِ الخِلاَل مِنْ شمَائل الْأَنْبِيَاءِ، ومِن جُمْلة الخِصال المعْدُودة مِنْ خِصالهم، وأنَّها جُزْءٌ مَعْلُوم مِنْ أَجْزَاء أفْعَالِهم، فاقْتَدوا بِهِمْ فِيهَا وتابِعُوهم [عَلَيْهَا] «١» وَلَيْسَ المعْنى أنَّ النُّبوّة تَتَجَزَّأُ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هَذِهِ الخلالَ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّة، فإنَّ النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة. وَلَا مُجْتَلبَة بالأسْباب، وإنَّما هِيَ كرامَة مِنَ اللَّه تَعَالَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالنُّبُوَّةِ هَاهُنَا مَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ ودعَت إِلَيْهِ مِنَ الخيْرات.

(١) الزيادة من ا

1 / 265