Nietzsche: Una Introducción Muy Corta
نيتشه: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
يمكن للمرء إنقاذ نفسه منها، أولا بانتقاء الحالات التي لا ينتاب المرء فيها هذا الشعور؛ وثانيا باعتناق احتماليته وسخافته؛ لأنه لكي ترغب في أن يختلف شيء عما هو عليه يعني أن ترغب في أن يتغير كل شيء، وهو أمر ينطوي على نقد استنكاري للكل. ولكن الحياة نفسها هي تلك الرغبة! «إرادة القوة»، 333
هذه سمة مميزة لنيتشه؛ نظرا لكونه عبقريا بحق. كما أنها سمة متناقضة. فإذا كانت الحياة، كما قال ستاتين، تعني الرغبة في تغير الأمور عما هي عليه، إذن فهكذا هي أيضا حياة نيتشه، هذا إذا حكمنا بناء على الأدلة التي تقول إنها كانت كذلك بالتأكيد. وعلى الرغم من أن «حب القدر» هو شعاره، فإن «قدره» هو أن يشجب بانفعال القدر، أو الوضع الراهن. هل يمكن أن يتيح لنفسه هذا؟ إذا حكمنا بناء على الجزء 11 من «نشيد الثمل»، الذي سبق لي اقتباسه، فإنه لا يستطيع. أن تقول نعم لسعادة واحدة يعني أن تقول نعم لكل شيء. ولكننا مجددا نرى نيتشه الشاعر الغنائي الماهر له اليد العليا، إنه شاعر غنائي يخدم الإنسان الذي يؤمن أنك لو رأيت الوجود كله وحدة واحدة، فعندئذ ستقره، أو على الأقل ستلزم بإقراره كله لو أقررت جزءا واحدا فيه. ولكن حقيقة أن جميع الأشياء «متسلسلة ومتداخلة ومتعاشقة» لا تعني أن المرء يحب ذلك. إذا كانت الحياة «هي» الرغبة في تغير الأشياء واختلافها عما هي عليه - وهذا بالتأكيد جانب كبير من الحياة، بل إنه في واقع الأمر الدافع الذي يملكه الناس لتبرير معظم ما يفعلونه - إذن فمن الحتمي أن يريد المرء إحداث بعض هذه الاختلافات. ومثلما يقول نيتشه في فقرة مماثلة ولكنها مختلفة على نحو حاسم ومأخوذة من كتاب «ما وراء الخير والشر»، 9: «الحياة؛ أليست بالضبط إرادة كون مغاير لهذه الطبيعة؟ أليست الحياة تقديرا وتفضيلا وظلما ومحدودية وإرادة كون مختلف؟ ولنفترض أن شعاركم الآمر ب «العيش وفقا للطبيعة» يعني أساسا «العيش وفقا للحياة»، كيف بوسعكم «ألا» تفعلوا ذلك؟ ولم تجعلون ما أنتم عليه، وما يجب أن تكونوا عليه، مبدأ؟» ولكن إذا كنت مضطرا إلى أن تكون ما أنت عليه، فلا فائدة من أن تجعل من «أي شيء» «مبدأ»، بما في ذلك «حب القدر». لا يقدم نيتشه هنا أية إشارة تبين كيف أن ما يسميه المرء رواقية الإقرار لا ينحدر إلى ما يشير إليه بازدراء في موضع آخر بصفته «استكانة».
إن ادعائي بأن نيتشه يحاول أن يجعل نفسه معصوما متضمن بالفعل فيما كنت أقوله. والمثير للدهشة، بالنسبة إلى شخص كان من شعاراته الأخرى «عش حياة الخطر!» أنه لا يريد فيما يبدو أن يتفاجأ، ويريد أن يكون مستعدا لأي حدث طارئ، إذا جاز التعبير، بادعاء أنه ضروري، ومن ثم فهو ليس حدثا طارئا على الإطلاق. «أيا كان» ما يحدث، فهو يريده؛ وبتناقض عجيب للغاية، فإنه يدعي أن أيا كان ما «حدث بالفعل»، فإنه قد أراده. ومن خلال الأسلوب التعميمي الذي يكتب به، فإنه ليس مضطرا للتعامل مع حالات لا يبدو فيها الإنسان الأعلى مختلفا عن الهمجي بادعاء أنه أراد حدوث هذا. وهو يعتقد ، بإعلانه معتقدات الضرورة الكونية البعيدة المنال، ثم بادعائه التكرارية اللانهائية لما تمليه، أنه أوضح بأنه لن يوجد أبدا شيء جديد ولا يمكن أن يوجد أبدا شيء جديد، تحت الشمس أو حتى لو كانت الشمس نفسها. ومع هذا، فعلى مستوى دقيق، يظل شديد الذكاء مقارنة بأي شخص آخر - بل ذكيا لدرجة أنه مضطر إلى الانتقال إلى الجانب الآخر المتطرف - فيما يتعلق بهذه «القمم» التي هو مولع بها. وهو مستعد لتحري الحرص والدقة على نحو استثنائي ليشرح إلى أي مدى تكون الأشياء مروعة وغير محتملة - بما في ذلك الناس على وجه الخصوص. وما دام لم يزل عند مستوى الأشياء والأشخاص، فإن الرعب المعجز سوف يستمر في التنامي. ولذا عندما يقر أمرا فلا يمكن أن يكون ذلك باختيار أشياء موافق عليها؛ إذ إنها جميعا «متداخلة» مع ما يبغضه. عليه أن يأخذ كل الظواهر التي يكرهها، ويتعامل معها ب «مأساوية الفتور»، وينظر إليها بتعال، وعندئذ يصبح أخيرا قادرا، بفضل الرؤية الضبابية، على أن يقول نعم لكل شيء. وفي سبيل ذلك، فإنه يتخلى عن كل ما يجد فيه قيمة بالفعل، عن طريق تظاهره أنه لا يقدر شيئا أكثر من آخر. ويتعذر التمييز بين هذا النوع من السمو وبين عدم الإدراك.
المراجع
Adorno, Theodor (1974),
Minima Moralia (NLB, London).
Aschheim, Steven E. (1992),
The Nietzsche Legacy in Germany 1890-1990 (University of California Press, Berkeley and Los Angeles).
Bridgwater, Patrick (1972),
Nietzsche in Anglosaxony (Leicester University Press, Leicester).
Página desconocida