Nicmat Dharica
نعمة الذريعة في نصرة الشريعة
Investigador
علي رضا بن عبد الله بن علي رضا
Editorial
دار المسير
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٩هـ - ١٩٩٨م
Ubicación del editor
الرياض
فَإِنَّهُ قصد أَن يمكر كَمَا كَانَ ديدنه فِي المرات الأول فقابله بمكره لما علمه سُبْحَانَهُ من الْمصلحَة
وَمِنْهَا مَا قَالَه لِأَنَّهُ لَو غَابَ بصورته رُبمَا قَالَ قومه احتجب فَظهر فِي الصُّورَة الْمَعْهُودَة مَيتا ليعلم أَنه هُوَ
أَقُول يَعْنِي من بَقِي من قومه وَلم يتبعهُ فِي الدُّخُول وهم الأتباع والعجزة
قَالَ فقد عمته النجَاة حسا وَمعنى
وَمن حقت عَلَيْهِ كلمة الْعَذَاب الأخروي لَا يُؤمن وَلَو جَاءَتْهُ كل آيَة حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم
أَي يَذُوقُوا الْعَذَاب الأخروي فَخرج فِرْعَوْن من هَذَا الصِّنْف
أَقُول هَذِه الْآيَة دَلِيل وَاضح على عدم إِيمَان فِرْعَوْن على تَقْدِير تَسْلِيم أَن المُرَاد رُؤْيَة الْعَذَاب الأخروي لِأَن مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا الصَّلَوَات وَالسَّلَام دعيا على فِرْعَوْن وملئه بقوله ﴿وَاشْدُدْ على قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم﴾
وَقد قَالَ تَعَالَى لَهما ﴿قد أجيبت دعوتكما﴾ فَإِن كَانَ المُرَاد الْعَذَاب الأخروي فقد صدق أَنه لم يُؤمن وَإِن كَانَ المُرَاد الدنيوي فقد كذب قَوْلك
وَلَيْسَ لَك أَن تَقول المُرَاد بِهِ فِي دعائهما الْعَذَاب الدنيوي وَفِي تِلْكَ الْآيَة الأخروي لِأَنَّهُ تحكم وَقَول بالشَّيْء بِلَا دَلِيل وَإِن ادعيت أَن ذَلِك حصل لَك بالكشف فَهُوَ كَذَلِك دَعْوَى بِلَا دَلِيل على أَنه يكون دعائهما عَبَثا لَا فَائِدَة فِيهِ سوى امتداد التَّعَب والتعني عَلَيْهِمَا وتماد الظُّلم وَالْفساد على عباد الله تَعَالَى
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِم بِعَدَمِ الْإِيمَان النافع لما اطلعا عَلَيْهِ من حَالهم الْغَيْر الْقَابِلَة للصلاح ليحصل لَهما التشفي بموتهم على الْكفْر وانتقام الله تَعَالَى مِنْهُم
لَيْسَ لذَلِك الدُّعَاء فَائِدَة غير ذَلِك بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَذَوي الْعُقُول الصَّحِيحَة
قَالَ هَذَا هُوَ الظَّاهِر الَّذِي ورد بِهِ الْقُرْآن
أَقُول كذب وافترى على الْقُرْآن فَإِنَّهُ لم يرد بِأَن المُرَاد من الْعَذَاب الْأَلِيم هُوَ الأخروي وَلَا بِأَن فِرْعَوْن خَارج من هَذَا الصِّنْف على مَا قَرَّرْنَاهُ لمن تَأمل وأنصف
قَالَ ثمَّ إِنَّا نقُول بعد ذَلِك وَالْأَمر فِيهِ إِلَى الله تَعَالَى لما اسْتَقر فِي نفوس عَامَّة الْخلق من شقائه وَمَا لَهُم نَص فِي ذَلِك يستندون إِلَيْهِ
1 / 205