Newton: Una Introducción Muy Corta
نيوتن: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
هوامش
الفصل الثاني
التعامل مع الأمور فلسفيا
ولد نيوتن في يوم عيد الميلاد عام 1642 (والذي يوافق 4 يناير عام 1643 في معظم دول أوروبا)، وفقا للتقويم المعتمد آنذاك في إنجلترا؛ إذ لم تكن وقتها قد اعتمدت التقويم الميلادي مثل معظم الدول الأوروبية. وشهد العقد الأول من حياته وحشية الحروب الأهلية بين القوى البرلمانية والقوى المؤيدة للحكم الملكي في أربعينيات القرن السابع عشر، والتي وصلت لذروتها بإعدام تشارلز الأول في يناير عام 1649. وكان عمه وزوج والدته قسيسين في الأبرشيات المحلية، ويبدو أنهما قد عاشا دون التعرض لكثير من المضايقات من جانب السلطات الكنسية التي اجتمع بها البرلمان للنظر في «الانتهاكات» الدينية. وفي عقده الثاني، عاش تحت حكم الكومنولث البروتستانتي المتطرف، والذي تغير في عام 1660 حين استعاد تشارلز الثاني عرشه. ولد نيوتن لعائلة ميسورة نسبيا، ونشأ في جو من التقوى والورع. كان والده - واسمه إسحاق أيضا - مزارعا صغيرا ورث في ديسمبر من عام 1639 أرضا وقصرا جميلا في أبرشية وولسثروب بمقاطعة لينكولنشاير. كانت والدته حنا آيسكوف، تنتمي للطبقة المتوسطة العليا، وعلى ما يبدو لم تتلق سوى التعليم الابتدائي (كما كان معتادا بالنسبة لتلك الفترة). غير أن شقيقها ويليام تخرج من كلية ترينيتي بجامعة كامبريدج في ثلاثينيات القرن السابع عشر، وكان له دور مؤثر في توجيه نيوتن للالتحاق بنفس الكلية.
توفي والد نيوتن، الذي لم يكن فيما يبدو يستطيع توقيع اسمه، في أوائل شهر أكتوبر من عام 1642، قبل زهاء ثلاثة أشهر من ميلاد ابنه. وقد أخبر نيوتن كوندويت بأنه ولد طفلا ضئيل الحجم ومعتل الصحة، وكان بقاؤه على قيد الحياة أمرا مستبعدا؛ لدرجة أن السيدتين اللتين أرسلتا في طلب النجدة من سيدة نبيلة توقفتا للاستراحة وهما في طريقهما إليها، ليقينهما بأن الطفل سيموت قبل عودتهما. وعلى عكس التكهنات، عاش نيوتن، وترعرع في كنف والدته حتى سن الثالثة، حين تقدم للزواج منها بارناباس سميث، وهو قس عجوز بإحدى الأبرشيات المحلية. كان سميث ثريا، وقد تزوجا في يناير من عام 1646 بعد أن تعهد بترك أرض لوليدها الأول. كانت والدة نيوتن تقضي معظم وقتها مع زوجها الثاني، وأنجبت منه ثلاثة أطفال قبل وفاته في عام 1653 (وكان أحد هؤلاء الأطفال هي والدة كاثرين كوندويت). وعلى الرغم من أن جون كوندويت كان كثيرا ما يتكلم بحماس عن فضائل حنا بوجه عام، وكان حريصا على الإشارة إلى أنها كانت «أما رءوما» لجميع أبنائها، فقد كان يؤكد على أن إسحاق الصغير كان المفضل لديها. وأيا كانت حقيقة ذلك، فإن الأدلة التي ساقها نيوتن بنفسه تشير إلى أنه قد جمعته علاقة عصيبة للغاية بوالدته وهو في مرحلة المراهقة، ودائما ما كان المؤرخون يجدون صعوبة في إيجاد تطابق بين رواية كوندويت وبين حقيقة أن نيوتن قد ترك بالفعل لمدة سبع سنوات في وولسثروب لينشأ تحت رعاية جدته لأمه.
التحق نيوتن بمدرستين محليتين حتى بلغ 12 عاما، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة جرانثام الثانوية، وهناك أقام مع صيدلي محلي يدعى جوزيف كلارك، الذي تبين أن متجره مصدر رائع للمعلومات. وقد قال أحد أحفاد كلارك لويليام ستوكلي إن نيوتن أظهر اهتماما بالغا بالأدوية والكيماويات الوفيرة هناك، فيما أشار ستوكلي إلى أنه كان يقضي وقتا كبيرا في جمع الأعشاب، وربما تعرف على خصائصها من صبية كلارك. وعاش نيوتن مع أبناء زوجة كلارك، وكان من بينهم كاثرين، التي أصبحت فيما بعد السيدة فينسنت، وأدلت بقدر وافر من المعلومات عن ذلك الصبي المعجزة. وكان كل من يقابل ستوكلي يحكي له عن «نبوغه المثمر الاستثنائي» في صناعة الآلات، ويخبره أنه «بدلا من اللعب وسط أقرانه من الصبية - عند العودة من المدرسة - كان دائما ما يشغل نفسه في المنزل بصنع حلي من أنواع مختلفة، ومجسمات من الخشب، وأي شيء يقوده خياله إليه». وقد أشارت السيدة فينسنت، التي زعم أن المخترع الشاب كان يهيم بها حبا، إلى أن زملاءه في المدرسة كانوا «لا يكنون له قدرا كبيرا من الحب»؛ لإدراكهم أنه «يملك قدرا من العبقرية والنبوغ» يفوق ما يملكونه. وبدلا من ذلك، كان إسحاق الصغير «صبيا مفكرا وصامتا وهادئا دوما»، ولم يكن يلعب قط مع الصبية، بل كان من آن لآخر يصنع أثاثا لبيوت الدمى للفتيات «ليضعن عرائسهن وحليهن عليها».
قام نيوتن ببناء «متجر كامل للأدوات» في جرانثام، وكان ينفق كل النقود التي تعطيها له والدته على شراء المناشير، والأزاميل، والبلطات الصغيرة، والمطارق، وما شابهها من أدوات، «والتي كان يستخدمها بنفس القدر من البراعة والمهارة، وكأنه تربى متشربا بهذه الحرفة». وكان كثير من الآلات التي وصفتها السيدة فينسنت وغيرها قد عرض في الأساس في كتاب من تأليف جون بت بعنوان «أسرار الطبيعة والفن»، والذي كان جزءا من مجموعة كتب تنتمي لجنس أدبي يحظى بشهرة بالغة تدعى «السحر الرياضي»، والتي احتوت على العديد من الوصفات وتصميمات الآلات. لم يكن نيوتن ليتقبل المعلومات ببساطة دون تطويرها على نحو مثير. فلعدم رضاه باستنساخ طاحونة هوائية ورد وصفها في كتاب بت، ذهب ليشاهد نسخة حقيقية منها بنيت في قرية مجاورة، «وكان يلازم العمال يوميا»، و«حصل على فكرة دقيقة عن آليتها، حتى إنه صنع نموذجا حقيقيا ورائعا لها». وقد تجاوز نموذجه المبدئي وقام بتعديل وضبط الآلية بحيث تدار الأشرعة بواسطة فأر يقود عجلة أثناء محاولته للوصول لبعض الذرة. وفيما اختلف رواة ستوكلي حول آليتها، فقد اتفقوا على أن الناس كانوا يقطعون أميالا لمشاهدة «طاحونة الفأر». وقد أشار ستوكلي عن إدراك وفطنة إلى أن الآلات «الهزلية» كانت عادة ما تجذب انتباهه. ففضلا عن طاحونة الفأر وأثاث الدمى، تفحص نيوتن نسيج وأبعاد طائرة ورقية بسيطة، وصنع نموذجا أفضل، وأرفق بها مصباحا يضاء بالشموع، مما بث الفزع في نفوس أهل القرية ومنحهم الكثير لمناقشته بينما يحتسون الجعة.
وكما حدث في حالتي الطاحونة الهوائية والطائرة الورقية، صنع نيوتن ساعة خشبية، وبعدها مباشرة صنع نموذجا أفضل لها. وقد كانت هذه النسخة المعدلة - المزودة بقرص مدرج - تدار بواسطة سيل منتظم من قطرات الماء كان يزودها بها كل صباح، وصنعت من صندوق أعطاه له همفري بابينتون. وبابينتون هو شقيق السيدة كلارك (التي كانت صديقة مقربة لحنا سميث)، وكان قد فصل من كلية ترينيتي لرفضه ميثاق قسم الولاء للكومنولث، ولعب دورا مهما في حياة نيوتن على مدى العقود اللاحقة. ونجح نيوتن في توسيع نطاق براعته الفنية الفائقة لينتقل إلى الساعات الشمسية المعقدة، محولا ملامح منزل كلارك المتنوعة إلى أنواع مختلفة من الساعات، وبحسب ستوكلي، فقد «أظهر عظمة ونطاق فكره برسم خطوط طويلة، وربط خيوط طويلة بكرات متحركة عليها؛ وغرز أوتاد في الحائط لتمييز الساعات وأنصاف وأرباع الساعات». وقد صنع «تقويما» من هذه الخطوط «وكان يعرف من خلالها أي يوم من الشهر أصبح؛ وموعد دخول الشمس في الأبراج، وشهور تساوي الليل والنهار والانقلاب الشمسي». وقد أصبحت ساعات نيوتن الشمسية، شأنها شأن الكثير من إنجازاته الأخرى، معروفة في الأبرشية. ولعل هذه الساعات هي أعظم إنجازاته في مرحلة الصبا، ويعتقد ستوكلي أنها كانت أساس انبهاره بالحركات السماوية.
تفوق نيوتن أيضا في الأنشطة الفنية، مثل الرسم وحتى تأليف الشعر، على الرغم من أن ولعه بالشعر كان مؤقتا. فكان يغطي جدران غرفة علية البيت الخاصة به برسومات من الفحم لحيوانات، وبشر، ونباتات، وأشكال رياضية، ونقش اسمه على الأرفف. وفي منتصف القرن العشرين، اكتشفت رسومات هندسية، رسمها نيوتن بلا شك، محفورة على المبنى الحجري لقصر وولسثروب.
شكل 2-1: كان كتاب جون بت «أسرار الطبيعة والفن» هو المصدر الذي اعتمد عليه نيوتن لتصميم ساعة تعمل بالماء.
Página desconocida