Newton: Una Introducción Muy Corta
نيوتن: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
في مواجهة مباشرة للنظرية الواردة في كتاب «ميكروجرافيا» لهوك، علق نيوتن في أطروحة «الفرضية» بأن الضوء لم يكن الأثير في حد ذاته، ولا حركته المتذبذبة، ولكنه «شيء ما» - لم يصرح بماهيته تحديدا - يفرز من أجسام مضيئة. وثمة «مبدأ حركة» عمل في البداية على تسريع الضوء بعيدا عن هذه الأجسام، ولكن نيوتن مرة أخرى لم يصرح ما إذا كان السبب وراء هذا «ميكانيكيا» أم كان قد تحقق بوسيلة أخرى، ربما تكون مشابهة لمبدأ الحركة الذاتية الذي غرسه الله في الحيوانات.
وأردف قائلا إن الضوء والأثير قد أثر أحدهما في الآخر، حيث الأثير يكسر الضوء، بينما الضوء يؤثر على الأثير لتوليد حرارة. كذلك ربما يكون الضوء قد جعل الأثير يتذبذب، مرسلا ذبذباته في شكل سلسلة عبر جسم أكبر بنفس الطريقة التي يمكن بها للطرق على طبلتين أن يحفز الهواء ليتذبذب. وقياسا على الطريقة التي ينتج بها الهواء المتذبذب الصوت، يمكن أن تنتج الألوان المتعددة عن طريق ذبذبات تطلق في «ألياف» العصب البصري. وأقوى الذبذبات من شأنها أن تنتج أقوى الألوان، بل إن نيوتن افترض إمكانية تحليل الضوء وفقا للطريقة التي «قسم» بها الصوت إلى نغمات. وقد ورد بالفعل في هذا البحث أن نيوتن قد اقترح لأول مرة علانية (بناء على خطوط رسمها أحد أصدقائه) تقسيم الطيف إلى سبعة ألوان، مرة أخرى بالقياس على الأوكتاف. وأخيرا، حاول نيوتن أن يشرح كيف ظهرت الحلقات متحدة المركز في شرائح رفيعة، وكذلك كيفية حيود الضوء. وقد أثار حيود الضوء خلافا في اجتماع الجمعية الملكية في ربيع عام 1675 حيث أثار هوك الموضوع، إذ أكد نيوتن أن ذلك مجرد شكل من أشكال الانكسار، فيما أكد هوك أنه إذا كان كذلك، فهو نوع جديد. غير أن نيوتن أشار في «الفرضية» إلى أنه قد قرأ أن جريمالدي قد أجرى بعض التجارب على حيود الضوء قبل هوك بزمن.
وفي خطاب أرسل بعد أسبوع من إرسال «الفرضية»، وصف نيوتن تجارب كهربية أخرى يمكن إجراؤها بالزجاج وقطع الورق. وقد أثارت هذه التجارب فيضا من الاستنساخات الناجحة، ولعل من علامات تأثير نيوتن وإبداعه أن هذه الملاحظات المرتجلة عن الظواهر الكهربية خلفت تأثيرا عميقا على مدار العقود الأربعة التالية. وكان من اهتمامات نيوتن الأكثر إلحاحا، النزاع الناشئ مع هوك حول الظواهر البصرية. فلدى قراءة الجزء الثاني من «الفرضية» في يوم 16 ديسمبر، وقف هوك وأشار إلى أن معظم مذهب نيوتن قد ورد في كتابه «ميكروجرافيا»، وأن نيوتن طوره فقط بإضافة «بعض التفاصيل». وعندما سمع نيوتن بهذا، رد لأستاذ كلية جريشام في اتهاميه المزدوجين له بالتزييف والسرقة الأدبية الصاع صاعين. فقال نيوتن إن وصف هوك للسبب الأثيري للظواهر البصرية في «ميكروجرافيا» لم يختلف إلا قليلا عن الأسباب التي وجدت في أعمال ديكارت «وآخرين»، وأنه قد «استعار» العديد من مذاهبهم، مطورا إياها فقط بتطبيق نسخته من النظرية على ظاهرتي الشرائح الرفيعة والأجسام الملونة.
وواصل نيوتن حديثه بأن القاسم المشترك بينه وبين هوك كان ضعيفا، ما عدا المفهوم العام بأن الأثير يهتز، وبعدها افترض هوك أن الضوء مماثل للأثير المهتز، بينما لم يعتقد نيوتن ذلك. فشرح الانكسار والانعكاس، وكذلك الطريقة التي تنشأ بها ألوان الأجسام الطبيعية، على نحو مختلف تماما عن هوك، والحق أن تجارب نيوتن على الشرائح الرفيعة «تدحض كل ما قاله عنها». قرئ هذا الخطاب في اجتماع للجمعية في 30 ديسمبر، وبعد يومين أنشأ هوك - على إثر شعوره بالاستياء من نيوتن وأولدنبرج بلا شك - «ناديا فلسفيا» (ضم حلفاء أمثال كريستوفر رين)، حيث كرر اتهامه بأن نيوتن قد أخذ مادة علمية ونظريات بالجملة من «ميكروجرافيا».
وحين قرئ خطاب آخر من نيوتن في الجمعية الملكية في 20 يناير 1676، هرع هوك على الفور لكتابة خطاب استرضائي له، متهما أولدنبرج بإثارة المشاكل بينهما. وكان يعلم ما أراد نيوتن أن يسمعه، متعللا بأنه يبغض الجدال والتشاحن عبر المطبوعات، ومؤكدا أنه يجل «الأبحاث الممتازة» لنيوتن. ومثل التعليقات الأخرى في الخطاب، كان ادعاؤه بأنه سعيد برؤية نيوتن «يطور ويحسن» الأفكار والنظريات التي بدأها قبل ذلك بكثير، ولكن افتقر الوقت لإكمالها؛ سلاحا ذا حدين. ولكن على الرغم من وجود تعليقات أخرى في هذا الشأن، فقد أغدق هوك بالإطراء على قدرات نيوتن، التي قال إنها فاقت قدراته إلى حد كبير. وأنهى خطابه بقول إنه سوف يكون سعيدا بالانخراط في مراسلات خاصة مع نيوتن، لإبداء اعتراضاته في خطابات شخصية إذا حاز ذلك قبولا لديه.
كان ذلك هو السياق الذي كتب فيه نيوتن خطابه الشهير الذي قال فيه إنه لو كان قد طور الأفكار وذهب بها لمدى أبعد، فإن ذلك يرجع لوقوفه على أكتاف عمالقة. وأخبر هوك أن المراسلات الخاصة ستكون أقرب للاستشارات، وأنه يقبلها بل ويرحب بها، إذ إن «ما يتم على مرأى العديد من العيان نادرا ما يخلو من اهتمامات أخرى خلاف العثور على الحقيقة». وبعد أن عكس موضوع خطاباته ليسلطه نحو أولدنبرج، راح يثني على ما أنجزه هوك بعد ديكارت، مشيرا إلى أنه من المحتمل أيضا أن يكون هوك قد أجرى تجارب لم يجرها هو نفسه. ومن الممكن قراءة الجملة الأخيرة - مثل كثير من التعبيرات التي كان طرفا هذا الحوار يتراشقانها - بمعنيين، وأيا كانت المصالحة التي تمت بينهما، فقد دامت لأربع سنوات بالكاد.
بعد بضعة أشهر من انتهاء هذا الصدام المحرج مع هوك، كتب نيوتن إلى أولدنبرج بشأن خطاب كان قد نشر مؤخرا دون توقيع، كتبه بويل عن موضوع الزئبق الخيميائي، الذي عمل على تسخين الذهب المصهور حين مزج معه. وعلى الرغم من أن نيوتن قد تشكك في أن يكون الزئبق قد أثر على الذهب بواسطة جزئيات معدنية «أكثر كثافة»، ومن ثم قد لا يكون له أي فائدة في العمليات الطبية أو الخيميائية، فقد أشار إلى أن بويل قد أحسن صنعا بعدم نشر المزيد عن هذا الموضوع. والواقع أن ذلك ربما كان «مدخلا لشيء أكثر نبلا، ولا يمكن تداوله دون أن يخلف دمارا هائلا على العالم إذا كان من المفترض أن يكون هناك أي صدق أو حقيقة لدى الكتاب الهرمسيين». وكان على بويل أن يأخذ بنصيحة «فيلسوف هرمسي حقيقي»، والذي سيكون رأيه أكثر قيمة من رأي أي شخص آخر؛ «فهناك أشياء أخرى إلى جانب تحويل الفلزات (إذا كان هؤلاء المدعون العظماء يتفاخرون بغير ذلك) ما من أحد غيرهم يفهمها». وقد انتقد فيما بعد بويل لصراحته الزائدة و«توقه للشهرة»، وهي ملاحظة تشير جزئيا لهذه الواقعة بالتأكيد.
تفسير خيميائي لنشأة الكون
في فبراير من عام 1679، كتب نيوتن إلى بويل بخصوص مناقشة أجرياها فيما سبق حول فكرة «السمات الفيزيائية»، على الأرجح خلال زيارته في ربيع عام 1675. ولا شك أن هذا الخطاب قد استقى من أبحاثه الخيميائية، وإن كان أيضا قد ارتبط بالآراء الفلسفية الأكثر تقليدية (وفي مواضع كثيرة كان ملخصا لها)، تلك الآراء التي أبداها في «الفرضية» الصادرة عام 1675. أخبر نيوتن بويل أن هناك أثيرا مرنا ينتشر عبر الغلاف الجوي، وكرر تعليقاته التي أوردها في «الفرضية» لعلها تستطيع تفسير العديد من الظواهر العادية. ومرة أخرى، استحضر نظريته عن «الاندماج» لتفسير حاجة بعض الفلزات لمعالجتها بواسطة «وسيط ملائم» من أجل الامتزاج بالماء أو الفلزات الأخرى. وثمة أجزاء أخرى من الخطاب استقت من أعماله الخيميائية، وقد أخبر بويل أنه بدراسة كيفية تكون المكونات الهوائية عن طريق التخمر المستمر لأعماق الأرض، لم يكن من السخف الاعتقاد بأن الجزء الأكثر ثباتا وبقاء من الغلاف الجوي كان فلزيا. وقد كان هذا هو «الهواء الحقيقي»، الذي جعل فوق الأرض مباشرة وأسفل الأبخرة الأخف عن طريق ثقل جزيئاته الفلزية. غير أنه ليس الجزء الواهب للحياة من الهواء، و«لا يمنح الكائنات الحية أي تغذية إذا سلبت منه الانبعاثات والأرواح الأكثر رقة التي تنتشر بداخله». وكان التأنق الأخير له في هذا الخطاب عبارة عن فقرة عن الجاذبية، والتي شرحها بالاستعانة بنظريته عن الأثير.
كان نيوتن على مدار معظم مشواره المهني شديد الإخلاص - وإن كان ذلك في الخفاء فقط في معظم الأحيان - لكل من الفرضيات الأثيرية ولبرنامجه الخيميائي. فقد أجرى تجارب بنشاط بالغ في أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن السابع عشر، وعاد إلى الموضوع ما أن فرغ من تأليف كتاب «المبادئ الرياضية» في ربيع عام 1687. وكان معظم عمله يتضمن تنظيم وتقييم جودة النصوص المختلفة، ولكن نوبة جديدة من النشاط التجريبي حدثت في بدايات تسعينيات القرن السابع عشر، حين عمل صديقه فاتيو دي دويلير كوسيط بين نيوتن وبين الخيميائيين المقيمين في لندن. ويبدو أن موجة التجريب النشط قد تلاشت حين ذهب إلى لندن في أواخر تسعينيات القرن السابع عشر، ولكنه ظل ملتزما باستقصاء ودراسة الأفكار المحورية داخل إطار التقاليد الخيميائية والرؤية الخيميائية الأساسية القائلة بأن الطبيعة مليئة بنشاط دقيق ولكنه قوي.
Página desconocida