Teoría de la evolución y origen del hombre
نظرية التطور وأصل الإنسان
Géneros
ومعظم المتوحشين الذين يعرفون الآلهة لا يعرفون عقيدة الشيطان، وهذا يدل على أن هذه الفكرة حديثة العهد، وربما كانت فارسية، وعلى كل حال فلفظة شيطان عبرانية، لعلها مشتقة من سيت (شيت) إله الشر المصري، وإبليس لاتينية (ذيابولوس).
أما خروج الإنسان من الوثنية إلى التوحيد فيحتاج إلى شرح طويل، وإنما خلاصة ما يقال إن التوحيد نشأ عند الأمم التي لا تحسن صناعة البناء والتماثيل والأصنام؛ ولذلك ظهر بين الأمم البدوية التي تعيش في الخيام؛ مثل الهكسوس والإسرائيليين والعرب، والأغلب الهكسوس هم أول من آمن بإله واحد يجدونه في كل مكان يترحلون إليه، ولا يحتاجون إلى تمثيله في صنم يرهقهم حمله ونقله، أما الأمم المتحضرة فكانت تجيد صناعة الأصنام، تنحتها من المرمر فتخلب أفئدة المتعبدين، وكانت لها هياكل ثابتة عليها كهنة ولها أوقاف، فكان من الصعب جدا أن تروج بينها فكرة التوحيد.
تطور اللباس
ليس تاريخ اللباس عند الإنسان سوى تاريخ الزينة والحلي؛ فإن الإنسان لم يلبس اللباس في أول أمره اتقاء للبرد والحر، وإنما هو قصد منه إلى الزينة فقط، وهذا هو حال جميع المتوحشين الآن؛ فبعضهم - مثل الفويجيين - لم يعرفوا اللباس قط في تاريخهم، ولا هم في حاجة إليه الآن مع صرامة الجو الذي يعيشون فيه.
ونحن إذا نظرنا الآن إلى لباس السيدات عندنا أو عند الغربيات وجدنا أن الزينة هي العامل الأكبر في انتقاء الزي، وأن المحل الثاني للفائدة الصحية أو لا محل لها على الإطلاق، ونحن الرجال لا يزال في لباسنا شيء كثير من الزينة الخالية من أية منفعة لنا، كما نرى في الطربوش الأحمر وعذبته السوداء، ورباط الرقبة، والأزرار العديدة، والخواتم وغيرها.
ولذلك فالكلام عن تطور اللباس هو في أكثره شرح لضروب الزينة التي تزين بها الإنسان من أقدم عصوره إلى الآن، وأكبر ما يبعث الإنسان على الزينة هو ظهور المرأة بمظهر يلفت إليها نظر الرجل ويستدعي إعجابه، وظهور الرجل بمظهر يلفت إليه نظر المرأة؛ لأنه لم يكن في العالم شأن عند الإنسان القديم - بعد الطعام - أهم من العلاقة الجنسية التي تربط النساء بالرجال، فهذه العلاقة التي تشغل عقلنا الكامن (الباطن) الآن، والتي هي مبعث أكثر خواطرنا وأحلامنا، كانت كذلك عند الإنسان الأول، بل كانت أشد من ذلك؛ لأن مشاغله كانت محدودة بالنسبة إلى مشاغلنا، فكان أكثر اجتراره الفكري خاصا بالشهوة الجنسية.
فالوزرة التي يغطي المتوحش بها أعضاءه التناسلية لا يدفعه إلى وضعها الحياء من الناس، بل هو يقصد منها إلى لفت نظر الأنثى إليه، وكذلك الحال في الوزرة التي تضعها المتوحشة، وهذا هو السبب في أن هذه الوزرة لا تزيد أحيانا عن أن تكون عقدا من الودع والصدف لا يخفي شيئا، بل يؤكد معنى؛ فالحياء من المعاني الحديثة التي أنتجها التمدن، والتي لا يعرفها الإنسان المتوحش أو الحيوان، بل الذي أوجدها هو اللباس.
وكلمة «الحياء» مشتقة من «الحيا» وهو عضو التناسل في المرأة، ولا بد أن الإنسان عند بدء خروجه من الحالة الحيوانية كانت بشرته مغطاة بالشعر، وهو لم يتجرد من شعره إلا بالتدريج، بل هو لم يتجرد منه تماما للآن.
وربما كان «الانتخاب الجنسي» العامل الأكبر في هذا التجرد؛ فلأمر ما قام في ذهن الرجال منذ زمان بعيد أن المرأة المتجردة من الشعر أجمل من المرأة الكاسية به، فصارت أقل النساء شعرا أكبرهن أولادا، وهؤلاء الأولاد يرثون أمهم في قلة الشعر، وما يحدث في المرأة ينعكس أثره بحكم الوراثة في الرجل، فيتجرد الرجل أيضا من الشعر، وإن كان تجرده أخف من تجرد المرأة (على نحو ما ظهرت الثديان في صدر الرجل تبعا لظهور الثديين في صدر المرأة).
ومن ضروب الزينة التي تؤيد نظريتنا، وهي أن الحياء ليس أصلا للباس، أن الشعر ينمو حول الأعضاء التناسلية عند الرجال والنساء دون سائر قرابتنا من القردة العليا؛ فهذا الشعر حديث العهد، وهو لا يقصد منه إلا لفت النظر وابتعاث الخواطر الجنسية في الأنثى والذكر.
Página desconocida