Teoría de la evolución y origen del hombre
نظرية التطور وأصل الإنسان
Géneros
وذكر آخر أن كلبا من كلاب الصيد رأى نفسه بين بطتين مصيدتين؛ إحداهما جريحة ولكنها تستطيع الطيران، والأخرى ميتة، وأراد أن يرجع بالاثنتين معا، فوقص عنق الحية وحملهما إلى صاحبه، والقردة تماثل الإنسان في الصفات العقلية، حتى الجنون يعرض لها كما يعرض للإنسان.
وقد ميز البعض الإنسان من الحيوان بأنه يستطيع الترقي والتقدم، وأنه يستعمل النار، ويستأنس الحيوانات، وأنه قادر على التفكير المجرد، وأنه يستعمل لغة ما، ويستعين بالآلات، ويقدر الجمال ... إلخ.
أما عن الترقي، فمعناه الانتفاع من الاختبارات الشخصية، والحيوانات تنتفع من التجارب التي تمر عليها؛ فالحيوانات المسنة لا تقع في الفخاخ بالسهولة التي تقع بها صغارها، والصائد لا يستطيع الصيد في موضع واحد دائما؛ لأن الحيوانات تعرف الفخ وتتوقاه.
وقد ارتقى الكلب من الوحشية إلى حالته الحاضرة، فالقرد يكسر البندق والجوز بالأحجار، والفيل يقطع أغصان الأشجار ويذب عن نفسه بها الذباب، وقد رأيت قردا يغطي نفسه بلحاف عندما عرف بأنه سيضرب، والقردة تتقاذف بالأحجار وقت القتال، كل هذا يدل على استعمال الحيوانات للآلات.
أما عن اللغة، فالقردة تتفاهم بأصوات محدودة، والببغاء تسمي المسميات، وغاية ما يختلف الحيوان عن الإنسان أن هذا الأخير أوسع منه باعا في التعبير عن الأشياء والأفكار، ويجب أن نذكر أن اللغة صناعة من الصناعات نتعلمها تعلما، فهي ليست ميزة طبيعية للإنسان، حتى الطيور تتعلم أحيانا أغاني الطيور الغريبة عنها وتعلمها لأولادها.
والحيوان يقدر الجمال مثل الإنسان؛ فالذكران من الطيور تتبختر وتتطوس للإناث وقت التلاقح؛ حتى تنتخب الأنثى أجملها لونا، وبعض الطيور يزين عشه بالأصداف الزاهية، وهي تتلصص وراء الطيور لتخطف منها جملة ريشات.
والحاصل أنه ليس ثمة فرق نوعي بين الإنسان والحيوان في القوى العقلية.
هذه هي خلاصة صغيرة لداروين، يقف منها القارئ على ناحية معينة من التطور عالجها هذا العبقري الذي وضع التعقل المادي للكائنات الحية مكان التعقل الغيبي.
ظهور الإنسان
منذ عدة سنوات مرت إحدى السفن في المحيط الأطلنطي حين كانت تجتازه إلى أميركا، فوجدت البحر مغطى بآلاف من نوع واحد من السمك الميت، فأخبر ربانها ولاة الأمور في الولايات المتحدة، فأنفذت الحكومة سفينة كي يحقق رجالها هذه المسألة، وذهبت السفينة ووجدت عشرات الآلاف من السمك لا تزال طافية على الرغم مما أكلته سائر الأسماك منه، وأخذوا يبحثون عن علة فناء هذا السمك، فوجدوا أن «تيار الخليج» الدافئ قد انحرف في سيره فدخل في منطقة باردة فرفع درجة حرارتها، وكان هذا السمك معتادا أن يعيش في برودة نسبية، فلما تغيرت أحوال البيئة لم يقو على مقاومة الحرارة، فمات جميع أفراده إلا ما شذ وتحمل الحرارة، وقد أنقذت حكومة الولايات المتحدة هذه الشواذ واستولدتها حتى تكاثرت.
Página desconocida