Teoría de la evolución y origen del hombre
نظرية التطور وأصل الإنسان
Géneros
وكان داروين مديد القامة يبلغ 180 سنتيمترا، وكان من الطراز الذي نسميه في عصرنا انبساطيا؛ أي كان وجهه مستديرا، قد بكر الصلع في رأسه، وكان سيئ الهضم كثير الشكوى، يحتاج إلى عناية خاصة في تهيئة الطعام، ولعله انتفع بهذا المرض الذي أكسبه عادات السكون والتأمل.
وكان يعرف في القرية باسم «الدكتور»، لا يجهله أحد من سكانها الذين كانوا يحبونه ويحترمونه، وكان يخرج عصاري كل يوم على جواده للنزهة ومعه كلبه، ولما مات الجواد لم يشتر غيره، وصار يكتفي بالسير في الطرق المتنحية بين الحقول، ولم يكن يشرب الخمر ولكنه كان يدمن التدخين، حتى كان يضع علبة الدخان خارج الغرفة كي يجد من بعدها عنه مثبطا عن الإدمان، وكان يستيقظ في السادسة من الصباح وينام في العاشرة مساء.
وقد أنجب سبعة أولاد مات منهم في الطفولة والصبا اثنان، أما الخمسة فقد نشأوا نشأة حسنة ونجحوا في الحياة، وفي السنوات العشر الأخيرة من عمره قبل وفاته في 1882 كانت داره محجا للعلماء، يفدون إليه من القارات الخمس.
هذا هو الرجل الذي أكسبنا تصورا جديدا للحياة، ونقل التفكير البشري من النظر الغيبي الخرافي للكائنات الحية إلى النظر المادي الواقعي.
وفي فرنسا يعطى لتلاميذ المدارس الثانوية كتاب «براون سيكار» عن الغدد الصم للمطالعة والدارسة، وهو في ميدانه لا يقل في القيمة البذرية للتغيير الثقافي عن «أصل الأنواع» لداروين أو يقاربه، ولكن داروين وبراون سيكار لا تحبهما وزارة المعارف المصرية، وتؤثر عليهما الماوردي وابن المقفع ونكات العباسيين وأشعارهم في الهجاء والمديح، وهذا أحد الأسباب التي تمنع تغيرنا؛ أي تطورنا، وتبقينا أمة شرقية تتعلق بالتقاليد والخرافات، وتكره الابتكار والابتداع.
Página desconocida