[حديث: من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين]
النذر عن الميت بعد موته دل على بقاء ذلك في ذمته وإن عجز عنه كعجز المدين عن الوفاء.
وأيضا فالواجب بالشرع أيسر من الواجب بالنذر.
ومعلوم أن من وجب عليه فعل شيء من المناسك وعجز عنه جبره بهدي كالمحصر الذي عجز عن إتمام نسكه عليه هدي.
وقال ابن عباس «من ترك شيئا من نسكه فعليه دم».
وهذا تارك ما وجب عليه بالنذر فعليه دم لأن الدم بدل ما ترك من واجبات المناسك وهذا كما أمر ابن عباس من نذر ذبح ابنه أن يهدي هديا لأن هذا بدل ذبح الابن وكما أمر من نذر أن يطوف على أربع أن يطوف طوافين لأن أحد الطوافين بدل الطواف على اليدين.
وقد أخذ أحمد بهذا كله إذ هو قول الصحابي الذي لم يعرف خلافه في الصحابة والأصول المنصوصة تدل عليه.
فإن قيل فقد جاء في حديث عقبة «أنه أمرها بكفارة يمين» وإسناد ذلك أثبت ويؤيده حديث ابن عباس «من نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين»؟
قيل فلهذا اختلفت الرواية عن أحمد هل عليه هدي أو كفارة يمين إذا عجز عن فعل الطاعة وهو المشي فأما ما ليس بطاعة كقوله حافيا حاسرا فهذا لا يفعله بل عليه فيه كفارة يمين قولا واحدا ذكره أصحابنا إذ لا بدل له مع أنه يقال لا منافاة بين الروايتين فإن الذي فيه «كفارة يمين» فيه «أنها نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة» وهذه معصية لا بدل لها بخلاف المشي فإن له بدلا وهو الهدي فأمرها بالهدي بدلا عما تركته من المعجوز عنه وأمرها بكفارة اليمين لما لم يكن له بدل مع أن مذهب أحمد أن من نذر صوما معينا تركه لعذر كمرض ونحوه فإنه يقضيه وفي الكفارة روايتان.
Página 47