[بيان اختلاف العلماء في علة النهي عن نكاح الشغار]
وقد اختلف العلماء في علة النهي عن نكاح الشغار وفي بطلانه على ثلاثة أقوال:
أحدها أنه إنما نهي عنه لما فيه من نفي المهر وهذا لا يوجب فساد العقد.
وهؤلاء صححوا العقد وأوجبوا مهر المثل وهذا قول أبي حنيفة وحكاه ابن المنذر عن عطاء وعمرو بن دينار ومكحول والزهري والثوري.
والقول الثاني والثالث أن هذا النكاح فاسد لكن أحدهما أنه يفسد لنفي المهر والآخر أن هذا ليس علة الفساد بل العلة التشريك في البضع أو الإسلاف في العقد كما سنذكره إن شاء الله تعالى وكلا القولين في مذهب أحمد.
والثالث هو مذهب الشافعي واختيار أكثر المتأخرين من أصحاب أحمد كالقاضي وأتباعه.
والثاني هو الذي يدل عليه كلام أحمد ونصوصه وهو قول قدماء أصحابه كالخلال وصاحبه.
قال أحمد في رواية (أبي نضر) * الشغار فرج بفرج زوجني (ابنتك) ** على أن أزوجك ابنتي فيستحيل فرجا بفرج.
وقال في رواية (أبي نضر) * أيضا إذا تزوج امرأة على أرطال من خمر أو على (خنزير) *** فليس هذا مثل الشغار لها مهر مثلها والنكاح ثابت.
ففرق بين أن يكون في النكاح مهر مسمى فاسد وبين أن ينفى فيه المسمى فيكون فرجا بفرج.
ولم يتعرض قط لتشريك المهر ولا للإسلاف في العقد ولا لغير ذلك.
فيصير في المسألتين ثلاثة أقوال في المذهب في المهر الفاسد وفي نفي المهر [و] الثالث**** الفرق.
وقال في رواية الأثرم أما إذا كان صداقا فليس هو بشغار إلا أن يكون صداقا قليلا جعلوه للحيلة ليحلوا به النكاح فهذا لا يجوز.
Página 175