فالإسلام الذي هو دين الله في كل زمان هو ما أمر به في ذلك الزمان فكان من الإسلام في أول الهجرة صلاة المسلمين إلى بيت المقدس بضعة عشر شهرا ثم لما صرفت القبلة وأمروا أن يستقبلوا الكعبة كان استقبال الكعبة من الإسلام واستقبال بيت المقدس حينئذ خروجا عن الإسلام وكذلك لما أرسل موسى كان طاعة الله فيما أمر به من السبت وغيره هو الإسلام فلما بعث المسيح كان ما أمر به على لسانه هو الإسلام قال عكرمة وغيره لما أنزل الله تعالى {3: 85 ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} قالت اليهود والنصارى فنحن مسلمون فأنزل الله تعالى {3: 97 ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} فقالوا لا نحج فقال تعالى {3: 97 ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} فبين أن من تمام الإسلام طاعته فيما فرض من حج بيته وإلا فمن كفر بالحج فلم ير حجه برا ولا تركه إثما لم يكن مسلما مطيعا لله ورسوله.
وتنوع شرائع الأنبياء ومناهجهم لا يمنع أن يكون دينهم واحدا وهو الإسلام كتنوع شريعة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال «إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد» فإن فيها ناسخا ومنسوخا ومع هذا فدينه واحد وهو الإسلام.
وهذا تحقيق ما أخرجناه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد إن أولى الناس بابن مريم لأنا إنه ليس بينى وبينه نبي» ولهذا ترجم البخاري باب ما جاء في أن دين الأنبياء واحد قال تعالى {42: 13 شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}.
Página 8