إلا عليهم، ولا تمتلئ الأنظار إلا بهم، فهم لم يبلغوا في الضن بأنفسهم والعزف بها مبلغ من لا يراه الرائي ولا يعثر به إلا إذا ألقى في طريقة حبائل الأحلام ليصطاده بها.
أو يقول:
لم يتخذ ولدًا إلا مبالغة ... في صدق توحيد من لم يتخذ ولدا
فإن الأولاد لا يتخذون اتخاذًا، وإنما ينعم الله بهم على من يشاء من خلقه إنعامًا، وأكثر ما تقذف به الأرحام من النسمات إنما هو ثمرة من ثمرات الحب يأتي بها عفوًا، لا نبتة من نبات الأرض يبذر الزراع بذورها ليستنبتها، والله تعالى غني بربوبيته، ووضوح آثارها عن الاستدلال عليها بنطفة يقذفها قاذفها في بعض الأرحام، فإن كان لا بد في إثبات ربوبيته من دليل يدل على مخالفته للحوادث في الصفات والأفعال فالأدلة على ذلك كثيرة لا يضبطها الحسَّاب كثرة، وربما كان أهونها، وأضعفها أنه لا يتخذ ولدًا وأنهم يتخذون، على أن المتخذين كثيرون قد ضاق بهم بطن الأرض وظهرها، فالمسألة مفروغ منها قبل أن يخلق هذا الممدوح، ويخلق وله فلا فضل له في الإتيان بشيء جديد.
أو يقول:
وما ريح الرياض لها ولكن ... كساها دفنهم في الترب طيبًا
1 / 44