يطرفك أو يضحكك أو يدهشك أو يعجبك من ذكائه وفطنته، واقتداره على تصوير ما لا يتصور، وإيجاد ما لا يكون، وهو أمر لا علاقة له بجوهر الشعر، ولا حقيقة الكتابة، وربما انعكس عليه حتى غرضه هذا فنفرك وأكدَّك، وملأ قلبك غيظا وقيحا كأن يقول:
لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ... لما رأيت عليها عقد منتطق
فإن الجوزاء لا تنتطق، ولو كان هذا الذي نراه يستدير بها نطاقًا، فهو شيء متصل بها قبل أن يخلق للمدوح، ويخلق أباؤه الأولون والآخرون إلى آدم وحواء، والكواكب ليست أشخاصًا أحياء يتخذ منها الناس خدما وخولا لأنفسهم، ولو كانت كذلك لاستحال عليها، وهي من سكان السماء أن تهبط إلى الأرض لتخدم سكانها، فقد كذب وأحال أربع مرات في بيت واحد، ثم عجز بعد هذا كله أن يترك في نفس السامع صورة تمثل جلال ممدوحه، وعظم شأنه، فهو في الحقيقة إنما يريد ببيته هذا أن يمتدح نفسه بالإبداع وقوة التخيل، لا أن يمتدح ممدوحه برفعه الشأن وعلو المقام.
أو يقول:
ما به قتل أعاديه ولكن ... يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب
1 / 42