فتاة كان يمسك في نفسه لأهلها حقدًا قديمًا فما دنا منها ليلة البناء بها حتى صدف عنها صارخا: أيها الناس إن الفتاة مريبة: وكان كاذبا فيما يقول، ولكن صدقه الناس، فانتقم لنفسه بذلك شر انتقام وأقذعه، ورأيت من دخلت إليه امرأة من أولئك النساء المريبات تسأله بعض المعونة على أمرها، فأمر بطردها ذهابا بنفسه أن تسوء سمعته بمكانها، وكان هو الذي أفسدها على نفسها، فنزل بها فسادها إلى هذه المنزلة من السقوط ثم الفقر، فلما جد الجد حاسبها على لقمة تتذوقها في بيته، ولم يحاسب نفسه على عرض كان يأكله في بيتها أكلا، فكان بي منذ ذلك العهد أن أنظر إلى المرأة بعين غير التي ينظر بها الناس إليها، وأن ألمس لها من العذر، وإن زلت بها قدم مالا يلتمسه لها أحد، وأن أنتصف لها من الرجل كلما وجدت السبيل إلى ذلك حتى يديل لها الله منه، وكنت من شؤون عيشي في حالة لا أستطيع معها أن أعتزل الناس الاعتزال كله، ولا أن أختار لعشرتي من أشاء من خيارهم وذوي المروءة فيهم، فلبستهم على علاتهم فما حفظ لي صديق عهدا، ولا صان لي صاحب سرًّا، ولا استدنت مرة فنفس عني دائن، ولا دنت فوفى لي مدين، ولا رد ليمستعير عارية، ولا شكر لي شاكر صنيعة، ولا فرج لي كربتي
1 / 27