يفسر قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا﴾ ١ بأن الحكمة معرفة ناسخ القرآن وَمَنْسُوخِهِ وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَمُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ وحلاله وحرامه وأمثاله٢.
يقول يحيى بن أكثم التميمي ﵀، وهو أحد عظماء السلف المتوفى سنة: ٢٤٢هـ: "ليس من العلوم كلّها علم هو أوجب على العلماء وعلى المتعلمين، وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه، لأن الأخذ بناسخه واجب فرضًا والعمل به واجب لازم ديانة، والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهى إليه، فالواجب على كلّ عالم، علم ذلك لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمرًا لم يوجبه الله، أو يضع عنهم فرضًا أوجبه الله"٣.
ويقول الإمام ابن حزم الظاهري المتوفى سنة: ٥٥٦هـ: "لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين، لأن الله عزوجل، يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ
_________
١ الآية (٢٦٩) من سورة البقرة.
٢ أخرج نحوه الطبري في جامع البيان٣/ ٦٠، وابن أبي حاتم في تفسيره المخطوط الجزء الأوّل ورقة (٢١٠) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄.
٣ انظر: جامع بيان العلم وفضله للحافظ يوسف بن عبد البر القرطبي ٢/ ٣٥.
1 / 21