تطوع الفتى «دواير» الإنكليزي من بلدة فولهام في بلاد الإنكليز وانتظم في سلك المحاربين من الجنود البريطانيين في فرنسا، وما عتم أن سنحت له الأحوال بالقيام بمهمة أظهر فيها بسالة وإقداما عجيبين؛ فإنه أنقذ عددا من إخوانه الجنود من الوقوع في كمين للألمان، وانفرد بنفسه لمقاتلة رجال الكمين متعرضا للخطر، فقتل ثلاثة منهم واضطر الباقون إلى التسليم فأسرهم وقادهم إلى معسكره؛ فأنعم عليه بنشان فكتوريا الذي ينعم به على الذين يتعرضون للخطر ويأتون عملا باسلا يستحق الذكر، وقد سمحت السلطة العسكرية لدواير بإجازة قصيرة ليعود إلى بلدته ويشاهد أهله وخلانه، فلما وصل به القطار ونزل منه أحاطت به نسوة القرية ومعهن مئات من الرايات والبيارق وهن يزغردن ويطربن، وحملته على أيديهن من محطة السكة الحديد حتى بيته بين صراخ الفرح والابتهاج والافتخار، وقد نشرت صورة ذلك المشهد صحف الأخبار. •••
عنترة زمانه: تحدثت دوائر بتروغراد بشجاعة وفروسية نادرتي المثال أبداها فارس من فرسان القوزاق اقتحم صفوف الألمان وحده وأمعن في رجالهم طعنا وضربا فجندل أحد عشر رجلا، وتحرير الخبر إنه بينما كان المدعو «كيريانوف» من فرسان فرقة القوزاق السادسة يؤدي وظيفته (يستكشف) أبصر من بعد ستة من الألمان مختبئين في خندق وهم يعدون لغما لينسفوا به الجيش الروسي الزاحف، فما كان منه إلا أن أعمل المهماز في خاصرتي جواده وأخذهم على غرة فتصدى له أول ألماني فطعنه برمحه طعنة نجلاء، وهجم عليه الثاني فتلقاه بطعنة أخرى ألقته صريعا على الأرض، وإذ شاهد الأربعة الباقون ذلك خارت عزائمهم فأطلقوا أرجلهم للريح فاقتفى أثرهم وجعل يطاردهم فيجندل هذا ويصرع ذاك وما زال بهم حتى قتلهم جميعا وعددهم ستة، وواصل مسيره فاعترض له خمسة من رجال الدورية الألمان وهم حاملون بنادقهم فابتدر أولهم بضربة قضت عليه وأعمل رمحه في ثانيهم فأتبعه بالأول فبهت الباقون وفروا ولكنه أدركهم فقتلهم الواحد بعد الآخر. •••
جرأة جندي وثبات جنانه وإقدامه: اعتاد قراء أخبار الحرب سماع أفعال صناديد الرجال الذين يغشون غمرات الموت فيفعلون أفعالا تعجز عنها الأبالسة والشياطين ويخرجون منها سالمين ويحرزون أعظم أوسمة الفخار والمباهاة، وإليك أيها القارئ حادثة الأونباشي «جوزف تومبس» من فرقة ليفربول الملكية التي نال من أجلها وسام فكتوريا كروس المشهور وهو وسام الأبطال الذي يتشوق كل إنكليزي إلى إحرازه، فكان الأونباشي المذكور الذي خرج من موقفه في الخندق يزحف على يديه كالحيوان لكي لا يراه العدو، وقد ربط حول كتفه سيرا من الجلد الذي تربط إليه البندقية وهو يجر رفيقا له سقط جريحا في أثناء هجومه على العدو ولا يزال فيه رمق الحياة فنجاه من مخالب الموت، وقد أنقذ تومبس المذكور أربعة من إخوانه الجرحى الآخرين بهذه الطريقة الغريبة، وكانت عين الله ترعاه وتصونه من كرات القنابل المتفجرة حوله فسلم في كل مرة وكأنه سلم بأعجوبة سموية. •••
رباطة جأش وشجاعة فارس قوقاسي: انتدب فارس قوقاسي شجاع ليحمل رسالة إلى مركز رئاسة الجيش الروسي، فسار في طريق خطر وبلغ واديا بين الجبال لم يتمكن من اجتيازه إلا بالعبور على كبري ضيق، وهو عبارة عن شجرة اقتلعتها الرياح وألقتها من جانب الجبل الواحد إلى جانب الجبل الآخر ولم يكد يعبر عليه حتى انقضت الذئاب عليه من مكامنها؛ فجفل حصان الفارس وارتد إلى الوراء وحدث أن الجنود النمسويين أبصروه فجعلوا يطلقون بنادقهم عليه فازداد الحصان إجفالا وكاد يهوي براكبه إلى أسفل الوادي، ولكن الفارس تمكن من قتل بضعة ذئاب وهو في تلك الحال وأحسن قيادة جواده فسار به خطوة خطوة حتى بلغ الجانب الآخر سالما رغم رصاص أعدائه الذي كان ينهال عليه كالمطر الهطال . •••
في إحدى المعارك التي دارت رحاها بين الإنكليز والألمان في المستعمرات الألمانية في نيغيريا غربي أفريقيا تعطلت إحدى قوائم مدفع مكسيم إنكليزي ولم يتسن ترميمها بسرعة كافية، فما كان من أحد الجنود السودانيين الوطنيين إلا أنه تقدم ووضع المدفع على ركبته ولم يبال بحرارته فتمكن الطوبجي بهذه الواسطة من صب نيران المدفع على الأعداء حتى أفنى عددا كبيرا منهم واضطر من بقي إلى التسليم. •••
عدو جديد: وهاك ما وقع لطليعة فرقة من الجيش البريطاني في مستعمرة الكمرون بغرب أفريقيا: قال ضابط: «خرجت طليعة فرقتنا وهم سودانيون وطنيون للاستكشاف فاجتازوا غابة كثيفة، ثم بلغوا حرجة من البوص العالي وسمعوا حركة غير اعتيادية فأيقنوا أن رجال العدو يستكشفون أيضا بطلائعهم، وبينما هم متربصون لا يبدون حراكا إذا فيل انقض عليهم انقضاض الصاعقة فما كان منهم إلا أن ولوا الأدبار، وكثيرا ما باغتت الفيلة معسكرات العدو وألجأت رجالها إلى الفرار.»
ما كل ذي أرصوصة طيارا
أو كل شاك بهمة مغوارا
قد يجفل الضرغام من ديك كما
قد يتقى في الظلمة الأنوار •••
Página desconocida