من ظريف ما وقع لفلاحي الروس على أثر إعلان الثورة الروسية وخلع القيصر أن زعماء الثورة اندسوا في أنحاء البلاد يبشرون بالحرية ويوهمون الشعب أن عهدا جديدا طلع عليهم، وأصبحوا من الآن أحرارا ومن جملة أقوالهم لهم: إن «الكونسنيتيسيون» أي الدستور قد تم في بتروغراد، فعجب أولئك الفلاحون السذج وأخذوا يتساءلون فيما بينهم كيف أن القيصر طلق الإمبراطورة مع كونه كان شديد الشغف بها، وتزوج «الكونستيتيسيون» لا شك أن هذه المرأة هي رافعة الجمال قد افتتن بها قلب القيصر، قالوا ذلك وهم يحسبون أن الدستور هو امرأة جميلة.
فما أطيب سريرة أولئك القوم وما أجدرهم أن يظلوا على سذاجة قلوبهم يتنعمون في هذه الحياة فلا يقلق بالهم لينين وأتباعه بالكلام الفارغ. •••
الروس في المنفى: مليونان من الروس تركوا وطنهم وأموالهم وأرزاقهم فرارا من روع البلشفيك وفظائعهم وبينهم الغني والفقير والأمير والوضيع، ومن هؤلاء الكونت أغناتيف وامرأته وكان هذا من حرس الشرف في بلاط روسيا ومن خيرة الضباط الروس، يقيم الآن في إحدى ضواحي باريس في عزبة يربي البقر الحلوب استدرارا لقوت يومه كل صباح ينهض في الساعة الرابعة فيحلب بقرته وفي الساعة السادسة تنهض الكونتس امرأته فتزن الحليب ليوزع على الزبائن، وعنده الآن ثلاثون بقرة ولا يطول عليه الزمن حتى تصير خمسين، وهكذا الدنيا دواليك:
فيوم عليك ويوم لك
ويوم تساء ويوم تسر •••
في إحدى ليالي يناير سنة 1918 دخل جندي أمريكي إلى مكتبة في باريس فسرق بعض أدوات وأوان تهدى في الأعياد والمواسم ومضى في سبيله، فرفع صاحب المكتبة أمره إلى السلطة الأمريكية فلم تنفذ أمرا، وبعد سنتين من هذا الحادث ورد على الكتبي من معرف في بوسطن بالولايات المتحدة هذه الرسالة:
وفي شهر يناير سنة 1918 دخل جندي أمريكي بجنون إلى مكتبتك بغير أن يفكر جيدا في ما يفعله ويرغب الآن أن يعوضك مما أصابك من الخسارة، والشاب آسف جدا على ما فرط منه وأحسب أن رسالة تبلغك.
خادمك
عن الشاب شارل أرنولد
وأرسل الكتاب مطويا على حوالة بقيمة المسروق من صاحب المكتبة! نعم المحكمة محكمة الضمير! •••
Página desconocida