ومن حكاياته وهو سجين أيضا أن أحد المسجونين شكا إليه سوء معاملة أحد موظفي السجن لامرأته التي تعودت على أن تزوره كل أسبوع، فسأله ما إذا كانت زوجته هذه حسناء، فأجابه: نعم. فقال له إن الانتقام سهل المنال إذا فعلت ما أشير به عليك. قال السجين: وما هو؟ فشرح له حافظ وسيلة الانتقام قائلا: نبه على زوجتك عندما تأتي لمقابلتك أن تحضر في الأسبوع المقبل وهي على أتم ما يكون من البهرجة والرواء، حتى إذا ما قابلها ذلك الموظف أظهرت له الميل، ثم ماست أمامه بقدها المعتدل حتى يقع في شرك هواها، وعند ذاك تتفق وإياه على أن يزورها في المنزل في ساعة معلومة من يوم محدود، وأن يحضر معه ما يلزم من المشروبات الروحية والمأكولات الشهية، وبعد ذلك تقدم بلاغا إلى مأمور القسم مؤداه أن موظف السجن المشار إليه راودها عن نفسها في كل مرة ذهبت فيها لمقابلة زوجها، فكانت تردعه بالتي هي أحسن فلم تفلح، وأخيرا أخذ يتردد على منزلها وهي تبعده عنها بكل الوسائل حتى غدت غير آمنة على حياتها وعرضها؛ ولذلك ترجو تعيين من يلزم من رجال البوليس لمراقبة المنزل وذلك العاشق الثقيل، حتى إذا ما جاء إليها مهددا ألقي القبض عليه وأرسل إلى المخفر للتحقيق معه ومحاكمته.
ولا أدري إذا كان ذلك السجين قد طاوعته نفسه على إنفاذ هذا الانتقام في ذلك الموظف، أم ردعه ضميره عنه.
وله عدة نوادر غريبة وحكايات عجيبة غير ما تقدم، ولكنها ضاعت من الذاكرة فأكتفي بهذا الآن.
بعد السجن
كيف جعل نفسه ابن أخي أفلاطون باشا
حافظ يحتال على يوناني في اليوم الأول لخروجه من السجن - اجتماعه بأبيه - اشتغاله بفن الكهرباء. ***
أرسل حافظ إلى أحد عارفيه في العاصمة كتابا قبل خروجه من سجنه ببضعة أيام سأله فيه أن يبعث إليه بريال واحد وبنطلون؛ ليتسنى له القدوم إلى القاهرة عند خروجه من السجن، فلم يخيب ذلك الرجل طلبه؛ لأنه وأكثر عارفي حافظ كانوا إلى ما قبل اشتهاره بالنصب والاحتيال يعتقدون أنه بعيد عن الدنايا والنصب، وأنه على سعة من العيش وذو عقارات تغنيه عن ارتكاب المحرمات؛ لأنه كان يدعي ذلك دائما، ولا يعلم الصحيح إلا الله.
خرج حافظ من السجن فارتدى بذلك البنطلون، ولا أدري من أين جاء بالجاكته والصديري والقميص والحذاء وغير ذلك؟ ثم ركب القطار حال خروجه عائدا إلى عاصمة القطر.
ولما وصل إلى العاصمة نزل في فندق البوستة الكائن بشارع وجه البركة أمام «رويال أوتيل»، ولعل سوء حظ صاحب هذا الفندق هو الذي بعث به إليه.
ولا ريب أن جيب حافظ كان أفرغ من جوف أم موسى؛ لأنه لم يستطع أن ينال مالا داخل السجن، ولعل ذلك لأن المسجونين ممنوع عليهم أن يدخلوا السجن ومعهم نقود؛ وإلا لما عجز عن الاحتيال على أحدهم، فلما نزل في فندق البوستة فكر في رجل ينصب له شركا، فلم يجد أقرب إليه من صاحب الفندق نفسه، فوضع له فخا سرعان ما وقع فيه.
Página desconocida