من بعد ما وخط المشيب عذاري
فأجابته فاطمة بهذين البيتين:
إن كان غركم جمال إزار
فالقبح في تلك المحاسن وار
لا تحسبوا أني أماثل شعركم
أنى يقاس جداول ببحار
فلما بلغا شهاب الدين وجدهما ألفاظا درية بمعان عبقرية فاعتبرها وأجلها وصار يكاتبها مكاتبة العلماء.
ابن دائب وجارية أخته
عشق ابن دائب جارية كانت عند أخته، وكان سبب عشقه إياها أنه رآها في منامه فأصبح مستطارا عقله ساهيا قلبه، فلم يزل كذلك حينا لا يزداد إلا حبا ووجدا حتى أنكر ذلك أهله وأعلموا عمه عما كان له، فسأله عن حاله، فلم يقر له بشيء، وقال : علة أجدها في جسمي، فدعا له أطباء الروم، فعالجوه بضروب من العلاج، فلم يزده علاجهم له إلا شرا وامتنع عن الطعام والكلام، فلما رأوا ذلك منه أجمعوا على أن يوكلوا به امرأة فتسقيه الخمر حتى يبلغ منه دون السكر، فإن ذلك يدعوه إلى الكلام والكشف عما في نفسه، فقر رأيهم على ذلك، وأعلموا عمه ما اتفقوا عليه، فبعث إليه بقينة يقال لها: حمامة، ووكل به حاضنة كانت له، فلما أن شرب الفتى غنت الجارية أمامه، فأنشأ يقول:
دعوني لما بي وانهضوا لكلاءة
Página desconocida