252

خاطب المؤمنين كافة بهذه الايات لتكون قانونهم المتبع وجوبا في آدابهم وأخلاقهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله. وهذه الايات كلها كما تراها قد منعت كل مؤمن ومؤمنة عن كل افتئات على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل اقدام على أمر بين يديه، فان معنى قوله تعالى: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) ان لا تفتئتوا عندهما برأي ما حتى يقضي الله على لسان نبيه ما شاء، وكأن المقترحين المتقدمين بين يديه كانا قد جعلا لانفسهما وزنا ومقدارا ومدخلا في الشؤون العامة، فنبه الله المؤمنين على خطأهما فيما رأياه، وأوقفهما على حدهما الذي يجب أن يقفا عليه. وقوله تعالى: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) نهى عن القول المشعر بأن لهم مدخلا في الامور، أو وزنا عند الله ورسوله، لان من رفع صوته فوق صوت غيره فقد جعل لنفسه اعتبارا خاصا، وصلاحية خاصة، وهذا مما لا يجوز ولا يحسن من أحد عند رسول الله صلى الله عليه وآله. ومن أمعن في قوله تعالى: (واتقوا الله ان الله سميع عليم)، وقوله عز من قائل: (ان تحبط أعمالكم وانتم لا تشعرون) علم الحقيقة بكنهها. ومن علم ان الله ما أقر أبا بكر الصديق وعمر الفاروق على تقدمهما بين يدي الله ورسوله لا يقران الناس على تشاورهم في اشتراع شرائعه، ونظمه وأحكامه، بطريق أحق لو كان قومنا يعلمون. (سابعها) أن الاذان والاقامة من معدن الفرائض اليومية نفسه، فمنشئها هو منشئ الفرائض نفسه، بحكم كل نسابة للالفاظ والمعاني، خبير بأساليب العظماء وأهدافهم، وانهما لمن أعظم شعائر الله عزوجل، امتازت بهما الملة الاسلامية على سائر الملل والاديان، إذ جاءت آخرا ففاقت مفاخرا فليمعن معي الممعنون من أولي الالباب بما في فصولهما من بلاغة القول وفصاحته،

--- [235]

Página 234