[ذكر الله ]
وفيما خص الله به ذكره من الكرامة والتعظيم، ما يقول سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا } [الأحزاب: 42]، فكفى بهذا لذكر الله سبحانه تعظيما وتجليلا، مع ما يكثر من هذا ومثله، في كتاب الله وتنزيله، قال الله سبحانه: { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال } [النور: 36]، والتسبيح وإن كان من ذكر الله والاجلال، فأكثر الذكر وأجمله، وأكرم القول وأفضله، ذكر الله تعالى بما نزل من الكتاب، فبه يا بني فاذكروا رب الأرباب، فإن ذلك هو الذكر المقدم عند ذوي الألباب، ذكرني الله وإياكم منه بخير، ونفعكم بكتابه المنير، فإنه أفضل المنافع، وخيرها سلكا في المسامع، لما فيه من ذكر الله وعلمه، وما دل عليه من أمره وحكمه.
فمن أعظم الذكر لله والتذكير به، ذكره بما ذكر به نفسه من آياته وكتبه، فبتلاوة الكتاب فاذكروه، تجلوا الكتاب وتوقروه، ولا تكتفوا بتلاوة الكتاب من تدبره، ولا ترضوا من قراءته بهذه ونثره، فإنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تنثروا القرآن نثر الدقل )، فاقرأوه يا بني إذا قرأتموه بالتنزيل والترتيل وتفهموا بالإطالة له والترتل والترسل، وعندما ذكره الله سبحانه من ناشئة الليل، ففي ذلك ما يقول تعالى لرسوله، صلى الله عليه وآله: { ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا، إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا، إن لك في النهار سبحا طويلا } [المزمل: 4 - 7]، يقول سبحانه: إن لك في النهار مهلا وتمهيلا، فكفى بما وصفت لكم بهذا بيانا ودليلا، فالحمد لله ولي المن به وبغيره من الاحسان، ونسأل الله العون على ما نزل في وحي كتابه من البيان.
Página 52