وتبيينه حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة ناسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر ... إلى أن قال ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى وزال عنه إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر اهـ (١).
وعند ما يقال منهج السلف فإنما يراد به ما قبل الإمام الشافعي ﵁ إذ أنه أول من فرق بين النسخ وغيره من التخصيص والاستثناء وتقييد العام وتبيين المجمل فجعل مصطلح النسخ خاصا بما أبطل الحكم المتقدم الثابت بالدليل الشرعى.
يقول في الرسالة: ومعنى نسخ: ترك فرضه (٢)، ويقول أيضا: وليس ينسخ فرض أبدا إلا أثبت مكانه فرض، كما نسخت قبلة بيت المقدس فأثبت مكانها الكعبة وكل منسوخ في كتاب وسنة هكذا (٣).
فمراده بقوله: (ترك فرضه) إبطال العمل بالمنسوخ.
ومراده بقوله: (وليس ينسخ فرض أبدا إلا أثبت مكانه فرض) أن النسخ إبطال لحكم المنسوخ وترك العمل به وإثبات لحكم آخر يحل محله.
ومن قوله هذا يتبين أن الإمام الشافعي حصر مصطلح النسخ بأنه رفع وإبطال للحكم المنسوخ.
فليس للتخصيص أو الاستثناء أو تقييد العام وما أشبه ذلك ليس لها مكان في هذا المصطلح. قال مصطفى زيد بعد نقله لهاتين العبارتين عن الإمام الشافعي: ذلك أنه فسر النسخ بالترك ثم قرر لازمه وهو: أنه لم ينسخ فرض أبدا إلا أثبت مكانه فرض، فأفاد بمجموع الكلمتين أن النسخ رفع يلزمه إثبات، وهو المعنى العام الذي يفهم بوضوح من استعمال الشافعي للكلمة في رسالته
_________
(١) انظر: أعلام الموقعين ١/ ٣٥.
(٢) الرسالة فقرة ٣٦١ ص ١٢٢ تحقيق أحمد شاكر.
(٣) انظر: الرسالة فقرة ٣٢٨/ ١٠٩، ١١٠ تحقيق أحمد شاكر.
المقدمة / 55