للمرجئة مع لزوم القول به للجمهور؟ قال بعضهم اللهم إلا أن يخص الدعوى بما لم يصرف الدليل عن ظاهره فإن الدليل العقلي صارف عن ظاهره مبين لمعنى صحيح محتمل وسموا مرجئة لإرجائهم أي تأخيرهم المعصية عن الاعتبار في استحقاق العذاب عليها لأنهم يقولون لا عذاب مع الإيمان فلم يبق للمعصية عندهم أثر وهي بالهمز من أرجأه بمعنى آخره ومنه «أرجئه وأخاه» في قراءة ابني كثير وعامر وأبي عمرو وبتركه جمع مرج كمعط ومنه أرجه أخاه في قراءة الكوفيين ونافع وإن اختلفوا في إسكان الهاء وكسرها وقيل سموا مرجئة من الرجاء لرجائهم أن المعصية لا تضر مع الإيمان وعليه فينبغي كما قال ابن أبي شريف أن يقال مرجئة بفتح الراء وتشديد الجيم كمقدمة.
والنقل بالمنضم قد يفيد ... للقطع والعكس له بعيد
يعني أن مذهب الأكثر أن الدليل النقلي قد يكون قطعي الدلالة على المراد منه لما ينضم إليه من تواتر معنوي أو لفظي أو مشاهدة كما في أدلة وجوب الصلاة ونحوها فإن الصحابة علموا معانيها بالقرائن المشاهدة ونحن علمناها بواسطة نقل تلك القرائن إلينا تواترًا إلى غير ذلك من النقليات المعلومة المعاني من الدين ضرورة كالعلم بأمور المعاد من البعث والحساب والجنة والنار وسؤال الملكين والجواز على الصراط وغير ذلك وذهبت المعتزلة وجمهور الأشاعرة إلى أنها لا تفيد اليقين مطلقًا وإليه الإشارة بقولنا: والعكس له بعيد، وحجة من قال: إن الدليل النقلي لا يكون قطعًا ما يعارض القطع من مجاز وتخصيص ونقل وتقديم وتأخير ونسخ واشتراك وإضمار مع أنه لابد من العلم بعد المعارض العقلي إذ لابد معه من تأويل النقل لأنه فرع صحة النقل عليه ليس إلا العقل فهو أصل للنقل فإبطاله بتقديم النقل عليه إبطال للنقل أيضًا إذ في إبطال الأصل إبطل الفرع ثم عارض المعارض العقل لأن الطريق إلى إثبات الصانع ومعرفة النبوءة وسائر ما يتوقف العقلي غير يقيني فقيامه محتمل إذ غاية الأمر عدم الوجدان وهو لا يفيد القطع بعدم الوجود، ورد عليهم بأنها تفيده بتواتر أو غيره إما ترى أن لفظ السماء والأرض ونحوهما من الألفاظ المشهورة عند أهل اللغة متواترة يعلم أصالة أي بالذات من اللفظ والمعنى استعمالها في
1 / 87