Origen de los Derechos Humanos: Una perspectiva histórica
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Géneros
الفصل الخامس
القوة الناعمة للإنسانية
لماذا أخفقت حقوق الإنسان في البداية قبل أن تنجح على المدى البعيد
هل كانت حقوق الإنسان مجرد «هراء منمق، وجعجعة فارغة» حقا كما ادعى الفيلسوف جيرمي بنتام؟ إن الفجوة الزمنية الطويلة في تاريخ حقوق الإنسان، التي تفصل بين نشأتها الأولى مع الثورتين الأمريكية والفرنسية وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948، تجبر أي إنسان على التوقف للتأمل وإنعام النظر. لم تختف الحقوق سواء على مستوى الفكر أو الفعل، غير أن المناقشات والمراسيم تكاد تجرى الآن على نحو حصري ضمن أطر قومية محددة. ظلت فكرة الحقوق التي يكفلها الدستور على اختلاف أنواعها - كالحقوق السياسية للعمال، والأقليات الدينية، والمرأة مثلا - تلقى المزيد من القبول في القرنين التاسع عشر والعشرين، غير أن الحديث عن حقوق طبيعية قابلة للتطبيق على صعيد عالمي خبا بريقه؛ فالعمال - على سبيل المثال - نالوا حقوقهم بصفتهم عمالا بريطانيين، أو فرنسيين، أو ألمانا، أو أمريكيين، وليس بصفتهم عمالا فحسب . عبر القومي الإيطالي جوسيبي ماتزيني، الذي عاش في القرن التاسع عشر، عن التركيز الجديد على فكرة الوطن عندما طرح السؤال البلاغي: «ما الوطن ... سوى المكان الذي تكفل فيه حقوقنا الفردية بأكبر قدر من الأمان؟» تطلب الأمر حربين عالميتين مدمرتين لتحطيم هذه الثقة في معنى الوطن.
1
نقائص حقوق الإنسان
سادت فكرة القومية باعتبارها الإطار المهيمن في مسألة الحقوق تدريجيا بعد عام 1815، مع سقوط نابليون ونهاية عهد الثورة. وفي الفترة بين 1789 و1815 تنازع مفهومان مختلفان للسلطة أحدهما مع الآخر: حقوق الإنسان من ناحية والمجتمع الهرمي التقليدي من ناحية أخرى. استخدم كل جانب منهما مفهوم الأمة والقومية، مع أن أيا منهما لم يقدم أي مزاعم بشأن تحديد الهوية بواسطة العرق. بطبيعة الحال، رفض مفهوم حقوق «الإنسان» أي فكرة تزعم أن الحقوق معتمدة على الجنسية، ومن ناحية أخرى، كان إدموند بيرك قد حاول أن يربط المجتمع الهرمي بمفهوم معين للوطن، عن طريق التأكيد على أن الحرية لا تكفلها سوى حكومة لها جذورها الراسخة في تاريخ الأمة، مع التأكيد على التاريخ، وأصر بيرك على أن الحقوق تنجح فقط عندما تنبع من تقاليد وممارسات عريقة.
أنكر مؤيدو حقوق الإنسان أهمية التقاليد والتاريخ، وأكد بيرك أن الإعلان الفرنسي لم يمتلك من القوة العاطفية ما يكفي لفرض الانصياع له؛ وذلك لأنه اعتمد بالتحديد على «أفكار تجريدية ميتافيزيقية». كيف يمكن «لقصاصات ورق حقوق الإنسان الحقيرة الغامضة» تلك أن تضاهي محبة الله، ورهبة الملوك، وطاعة القضاة، وتبجيل الكهنة، والإذعان للرؤساء؟ وانتهى بيرك بالفعل في عام 1790 إلى أن الثوار سيضطرون إلى استخدام العنف كي يبقوا في السلطة. وعندما أعدم الجمهوريون الفرنسيون الملك وانتقلوا إلى «حكم الإرهاب» باعتباره نظام حكم معترفا به - كما كان الحال في عامي 1793 و1794 - بدا أن نبوءة بيرك قد تحققت. ولم يمنع «إعلان حقوق الإنسان والمواطن»، الذي وضع على الرف إلى جانب دستور 1791، من قمع المعارضة والإعدام الجماعي لأولئك الذين اعتبروا أعداء.
وعلى الرغم من نقد بيرك اللاذع، رحب العديد من الكتاب والساسة في أوروبا والولايات المتحدة بإعلان الحقوق بحماسة بالغة في عام 1789، على أنه عندما أصبحت الثورة الفرنسية أكثر تطرفا، بدأ الرأي العام ينقسم. كان رد فعل الحكومات الملكية تحديدا قويا في معارضة إعلان الجمهورية وإعدام الملك؛ ففي ديسمبر من عام 1792، أجبر توماس بين على الفرار إلى فرنسا عندما أدانته محكمة بريطانية بتهمة إثارة الفتنة لمهاجمته نظام الحكم الملكي الوراثي في الجزء الثاني من كتابه «حقوق الإنسان»، وأتبعت الحكومة البريطانية هذا بحملة تعسف واضطهاد ممنهجة ضد مؤيدي الأفكار الفرنسية. وفي عام 1798، أي بعد مرور اثنين وعشرين عاما فحسب على إعلان الولايات المتحدة الذي ينادي بالحقوق المتساوية لجميع الناس، أصدر الكونجرس الأمريكي «قوانين الفتنة والغرباء» للحد من الانتقادات الموجهة للحكومة الأمريكية، وتجلت الروح الجديدة لهذا العصر في التعليقات التي أبداها جون روبيسون - أستاذ الفلسفة الطبيعية بجامعة إدنبرة - عام 1797؛ ندد روبيسون بما أسماه: «ذلك المبدأ البغيض، الذي يسيطر الآن على كل العقول، ويدعونا إلى التفكير المستمر في حقوقنا، والمطالبة بها بلهفة من كل الجهات.» في رأي روبيسون، كان هذا الهوس بالحقوق هو «أعظم خراب في الحياة»؛ إذ حسب هذا الهوس السبب الرئيسي للجيشان السياسي المستمر حتى في اسكتلندا، وللحرب بين فرنسا وجيرانها؛ تلك الحرب التي تهدد الآن باجتياح أوروبا بأكملها.
2
Página desconocida