Origen de los Derechos Humanos: Una perspectiva histórica
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Géneros
إذا تأمل المرء طبيعة هذا الشرف، الخصبة للنزوات والتقلبات، التي تنزع دائما إلى الرقة المفرطة، وتبجل عادة الأشياء من أجل لمعانها وليس من أجل قيمتها الجوهرية، وتبجل الرجال من أجل أدواتهم وألقابهم، التي هي أشياء غير أصيلة فيهم، وليس من أجل خصالهم الشخصية، عندئذ يمكن للمرء أن يفهم بسهولة كيف يمكنه [أي الشرف] أن يزدري أولئك الذين يهتمون لأمر أحد الأوغاد الذين عاقبهم المجتمع.
ومع ذلك استنكر روبسبير أيضا قصر الإعدام بقطع الرأس (الذي يظن أنه أكثر شرفا) على النبلاء وحدهم. هل أراد أن يكون جميع الأشخاص مكرمين على السواء أم أنه يدعو إلى نبذ فكرة الشرف نفسها؟
37
غير أنه حتى قبل ثمانينيات القرن الثامن عشر كان مفهوم الشرف يتعرض للتغيير. فكلمة «الشرف» طبقا لتعريف قاموس الأكاديمية الفرنسية، طبعة عام 1762، تعني «الفضيلة والاستقامة»، أما «فيما يخص المرأة، فتشير كلمة الشرف إلى العفة والاحتشام». في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ميزت الاختلافات في الشرف الرجل عن المرأة أكثر من تمييزها للطبقة الأرستقراطية عن طبقة العوام على نحو متزايد؛ فبالنسبة للرجل، بات الشرف مقترنا بالفضيلة، وهي الخصلة التي ربطها مونتسكيو بالجمهوريات؛ فجميع المواطنين شرفاء إن كانوا أصحاب فضيلة. وفي ضوء هذا الحكم الجديد، اقترن الشرف بالأفعال وليس بالميلاد، وانتقل التمييز بين الرجل والمرأة من مسألة الشرف إلى مسائل المواطنة وأشكال العقوبات. كان شرف المرأة (وعفتها) مسألة خاصة وداخلية؛ فيما كان شرف الرجل مسألة عامة، فمن الممكن أن يهان الرجل والمرأة على السواء في العقاب، لكن الرجال وحدهم يملكون حقوقا سياسية يمكن أن يفقدوها. وبات الأرستقراطيون والعوام متساوين الآن في العقاب كما في الحقوق؛ لكن الرجل والمرأة غير متساوين.
38
ولم يمر التغير في مفهوم الشرف دون ملاحظة واهتمام؛ ففي عام 1794، هجا الكاتب سيباستيان روش نيكولاس تشامفورت، أحد أعضاء الأكاديمية الفرنسية الراقية، هذا التغير قائلا:
من الحقائق المسلم بها أن قرننا هذا وضع الكلمات في نصابها الصحيح؛ فبتخلصه من الترجمات اللاهوتية، والجدلية، والميتافيزيقية، عادت الكلمات إلى بساطة وواقعية الفيزياء والأخلاق والسياسة. وبالحديث عن الأخلاق وحدها، يستشعر المرء كم أن لفظة «الشرف» هذه تجمع أفكارا معقدة وميتافيزيقية. واستشعر قرننا عيوب هذه الأفكار، ولكي يعيد كل شيء مرة أخرى إلى بساطته، ويحول دون أي إساءة في استخدام الكلمات، أثبت أن الشرف يظل جزءا من أي رجل لم يسبق له أن أدين قط بارتكاب جريمة. في الماضي كانت هذه اللفظة مصدرا للمراوغات والخصومات؛ أما في الحاضر، فلا شيء أوضح منها. هل وضع الرجل في الطوق الحديدي أم لا؟ هذا هو السؤال المحدد. فهو سؤال بسيط لحقيقة يمكن أن تجيب عنها بسهولة سجلات موظفي المحكمة. والرجل الذي لم يوضع في الطوق الحديدي هو رجل شريف يمكنه أن يطالب بحقه في أي شيء، في وظيفة في الوزارة، وما إلى ذلك، ويمكنه أن يملك حق الدخول إلى الهيئات المهنية والأكاديميات والمحاكم ذات السيادة. يستشعر المرء إلى أي مدى يمكن للوضوح والدقة أن ينقذانا من النزاعات والجدالات، وكيف أن العلاقات الاجتماعية في الحياة تصبح مريحة وسهلة.
كان لتشامفورت أسبابه الخاصة التي جعلته يتعامل مع كلمة الشرف بجدية. فتشامفورت الطفل اللقيط مجهول الأبوين، حقق سمعة أدبية، وعمل سكرتيرا خاصا لأخت الملك لويس السادس عشر. وقد انتحر في ذروة «حكم الإرهاب» بعد وقت قصير من كتابة هذه الكلمات. وإبان الثورة، انتقد في البداية الأكاديمية الفرنسية الرفيعة المكانة التي كانت قد انتخبته عام 1781، ثم ندم على هذا ودافع عنها. وكان الارتقاء إلى الأكاديمية هو أعظم شرف يمكن منحه لكاتب في ظل الحكم الملكي. وقد أغلقت الأكاديمية عام 1793 ثم انتعشت من جديد على يد نابليون. ولم يسبر تشامفورت غور ضخامة التغير في معنى الشرف فحسب - أي صعوبة الاحتفاظ بالفروق الاجتماعية في عالم يندفع نحو المساواة بنفاد صبر - ولكن أيضا ارتباط قانون العقوبات الجديد به. وكانت عقوبة الطوق الحديدي قد أصبحت القاسم المشترك الأصغر لفقدان الشرف.
39
لم يكن قانون العقوبات الجديد سوى نتيجة واحدة من نتائج كثيرة ترتبت على «إعلان حقوق الإنسان والمواطن». وقد استجاب النواب لإلحاح دوق دي مونتمورنسي الذي حثهم أن يضربوا «مثلا عظيما» عن طريق تحرير إعلان للحقوق، وفي غضون أسابيع من هذا بدءوا يكتشفون إلى أي مدى يمكن أن تكون نتائج هذا المثل غير متوقعة. «كان فعل التصريح، أو الإخبار، أو العرض، أو الإعلان بصراحة أو جهارا أو رسميا» المتضمن في عملية الإعلان ينطوي على منطق خاص به وحده. فحالما أعلنت الحقوق على الملأ، أثارت أسئلة جديدة؛ أسئلة لم تطرح قبلا، ولم تكن قابلة للطرح، واتضح أن عملية الإعلان ما هي إلا الخطوة الأولى في عملية مشحونة ومثيرة للغاية، ومستمرة حتى يومنا هذا.
Página desconocida