أغاني الجنود
الأمومة
مي تتنهد
تذكارات يتيمة
الغريب
الغريبان
حكاية هيفاء الديرانية
أجراس العيد
أعطوا يعطيكم الله
جوائز الفضيلة
Página desconocida
التطور النسائي
التربية القومية
يا بلادي
تعبت من المدينة
درس في الوطنية1
ما نرى وما نسمع
بابل في سوريا
قولوا لها لتقول لهم
من أساطير الأقدمين1
ويومها العصيب ...
Página desconocida
صوت الأم
الحاكمية الوطنية
من المسئول؟
موجة السرور الكبرى
حياتنا الاقتصادية
مستقبل الآثار في سوريا
حكاية الآثار
مي وكتابها
مينرفا وأخواتها
كتاب باز
Página desconocida
وديع صبرا
أحجار الزاوية
إلى جامعة السيدات
على ذكر اللغة العربية
إلى روح أبي أمين1
تحية النهضة1
يا مي1
الإرادة عند السوريين1
ختام
أغاني الجنود
Página desconocida
الأمومة
مي تتنهد
تذكارات يتيمة
الغريب
الغريبان
حكاية هيفاء الديرانية
أجراس العيد
أعطوا يعطيكم الله
جوائز الفضيلة
التطور النسائي
Página desconocida
التربية القومية
يا بلادي
تعبت من المدينة
درس في الوطنية1
ما نرى وما نسمع
بابل في سوريا
قولوا لها لتقول لهم
من أساطير الأقدمين1
ويومها العصيب ...
صوت الأم
Página desconocida
الحاكمية الوطنية
من المسئول؟
موجة السرور الكبرى
حياتنا الاقتصادية
مستقبل الآثار في سوريا
حكاية الآثار
مي وكتابها
مينرفا وأخواتها
كتاب باز
وديع صبرا
Página desconocida
أحجار الزاوية
إلى جامعة السيدات
على ذكر اللغة العربية
إلى روح أبي أمين1
تحية النهضة1
يا مي1
الإرادة عند السوريين1
ختام
النسمات
النسمات
Página desconocida
تأليف
سلمى صائغ
إلى أنس العزيزة
السائرة بسرعة إلى ذروة الكمال الإنساني، والمضيئة بروحها النيرة سبيل «رسول» جهادنا النسائي. إلى المرأة التي علمتني أن أخدم بمحبة ومعرفة، أقدم هذا الكتاب.
سلمى
تمهيد
بقلم جرجي نقولا باز
أتمنى لو كان لي أسلوب كاتبة «النسمات» لأحسن التمهيد؛ لأن كتابا نفيسا ممتازا كهذا الكتاب أولى بمثل إنشائها منه بإنشائي؛ ليوازي تمهيده فصوله.
أما وأنا المحظي بجمعه، وملاحظة طبعه، والمستلذ مراجعته وتكرار مطالعته، والمعجب جدا بكاتبته، ولا بد لي من تدوين تمهيد له، عملا بعادة المؤلفين، فلعلي أستمد من جماله جمالا أستطيع به إيفاءه واجب التمهيد ولو دون ما يوازيه.
ولا أتعمد تعريف الكاتبة وهي «بيراعها الساحر» غنية عن التعريف، ومطالعاتها يعرفنها من زهاء عمر البدر في زمن «حسنائي»، ثم في «مينرفا» و«الفجر» و«الخدر» و«المرأة » و«الحياة» الجديدتين، ومطالعوها يذكرونها من عهد «البرق» إلى «المعرض» و«السائح» و«الشعب» و«لسان الحال» و«مجلة سركيس» وغيرها من الصحف العديدة أخذا عن بعضها.
Página desconocida
إن كاتبتنا النابغة ولئن تجاهلت موهبتها اتضاعا، وحرمتنا منها توفرها على الإنشاء جهدها فيما مضى، إلا أن اليسير الذي أنشأته فيه من الإبداع شيء كثير، فيه جمال وفن، فيه ريشة مصور، ونغمة موسيقي، وخيال شاعر، ومعرفة عالم، وأدب كاتب، ورأي مفكر، وشعور حساس، فيه وطنية وحرية وغيرية وإنسانية، فيه جرأة ونهضة وحكمة ومحبة، وفيه شفوف لامس الروح، وسمو بلغ السماء.
فرأيت أن من أجمل الخدم أؤديها لبنات العرب أن أجمع ضمة من زهر آداب سلمى، أبرهن بها أهلية المرأة لمباراة الرجل فكرا وإنشاء، حتى في المواضيع الجدية الجافة، تاركا لهن ولأبناء جنسي الحكم في ذلك.
فسألت نابغتنا السماح لي بجمع هذا الكتاب من بدائع آثارها، خدمة للأمة، فأجابت سؤالي مشترطة علي أن تجعله من فضلها هدية منها إلى زوجتي، وأن أنشر فيه كلمتها عن كتابي «إكليل غار» التي جعلتني فيها من حسن ظنها بي شيئا مذكورا، وألا أمدحها بكلمة.
ولئن عملت بشرطيها الأولين، فلا أعمل بالثالث، وإن سكت فسواي يتكلم، وهذه نسماتها أفصح متكلم.
نسمات باردة، حارة، منعشة، لاذعة، فيها تغريد العصفور، وهينمة النسيم، ومشبهات بزوغ الشمس ومغيبها، وطلوع البدر وتلألؤ النجوم، ورواء الزهر وشذا العبير، فيها من حنان الأم ومن شعور الأخت، ومن تجرد المخلصة، وفيها من حزم المهذب، وجزم المعلم، وإيمان المرسل، وإخلاص العامل الإنساني.
ومهما برهنت آثار سلمى نبوغها فأمامها مستقبل عظيم، ولا غرو فهي صائغة اسما وفكرا وإنشاء، هي سائرة مسرعة دواما إلى الأمام، وشعارها من حسن إلى أحسن، ومن بديع إلى أبدع شأن الفنانين النابغين.
وسيلي «النسمات» كثير من بدائع سلمى، إن شاء الله.
أغاني الجنود
ارجعوني إلى بلادي، فقد اشتاقت نفسي سماء بلادي.
ارجعوني إلى الشاطئ البهيج ذي الرمال البيضاء، حيث تمرغت طفلا، وحلمت فتى ، وأحببت شابا، وأنجبت كهلا.
Página desconocida
ارجعوني أسمع نشيد الأمواج تردده البحار منذ مئات الأجيال، فيتخدر دماغي، وتسكر مخيلتي، وأحسب نفسي قطعة من الخلود، وقسما من الجمال. •••
ارجعوني إلى لبنان فأرى بناته يقطفن العنب والتين، ويستقين المياه العذبة من الينابيع، ويرجعن عند الغروب أسرابا تمر بين الصنوبر فتختلط أصواتهن الحلوة بحفيف الأوراق، ونقيق الضفادع، ورنة الناقوس على التلال البعيدة.
ارجعوني، ارجعوني، أرجعوني ساعة أسمع هذه النغمات فيدق لها ناقوس قلبي.
الجندي الشيخ
أنا كهل جاوزت الخمسين، سحبت جنديا وقد كاد ظهري أن ينحني،\ فتركت مدينة آبائي وسرت بين يدي ضابط صغير خليع أمسح حذاءه، وأطعم فرسه، وأنا سيد في قومي، أمير بين بني عشيرتي.
مشيت نهارا وليلا، وليلا ونهارا، حتى حسبت أن ليس للعذاب آخر، مشيت على الجليد وجررت ثقل الحديد، وتساءلت: رباه! أما للظلام زاجر؟!
ارجعوني إلى قريتي فأجلس أمام الموقد، وأرى أولادي وأحفادي يلعبون فيمثلون شخصي آن كنت صبيا ...
ارجعوني، يلامس قلبي قلوبهم الخضراء فأعود فتيا ...
ولكن هل يهمكم إفراح الحياة يا من تعيشون لسلب الحياة؟
الجندي الشاب
Página desconocida
أنا شاب، جررت إلى الخنادق، وكلفت حصد النفوس، فحصدت، وحصدت، وحصدت.
حصدت حقولا أغراسها شبان وفتيان.
حصدت شبيبة قوية، نشيطة، منظمة، عالمة متفننة، كل ما في أوروبا من الجمال والقوة والعلم والفن كله مر أمام الآلة التي حصدت ولم ترحم.
حصدت البستان، تلو البستان، تلو البستان.
كأنه سباق بين الأمهات ومعامل كروب.
هذه ترمي ألوف القنابل، وتلك حبات القلوب.
حصدت وحصدت حتى ذابت حشاشتي من منظر الدم فصرخت: رباه! أما للجور قاهر؟!
ارجعوني إلى بيتي فأرى عروسي الصبية وطفلي الصغير، هل عرف رجل قبل اليوم معنى ابتسامة المرأة، وقبلة الولد في الصباح والمساء؟
هل درى أن في عيون الأطفال آية من ألحان السماء؟
ارجعوني فقد تاقت نفسي لملامسة خد صغير نعوم.
Página desconocida
ارجعوني لأشعر بوجود النعيم.
تبارك خالقه الجبار العظيم.
ولكن نعيمكم دم وسماءكم صواعق.
ولكن نعيمكم للإنسان جحيم.
الجندي الفتى
أنا فتى اقتطعوني من صدر أمي، وأمي عروس بين البنات، وفلة بين زنابق المروج.
جروني وأنا صغير، فكلفت حمل الجرحى تحت صواعق الفولاذ الأحمر وأنا لم أتعود رؤية الدم.
أمي حنون تبكي لذبح العصفور، وقد ربيت في أحضانها، ولا أب لي يعلمني الخشونة، فنشأت نحيفا حساسا تسيل دموعي كدموع البنات.
أناموني على الحضيض وفي الوحول، ومذ رأت عيناي النور أنام في سرير أمي، وسرير أمي شيء كعرش سلطان له ملاءات كتانية، وستائر من حرير، وغدائر أمي الشقراء تملأ الوسادات، وتقيني البرد في ليالي كانون.
خذوني إلى خدر أمي وإلى أنفاسها النقية، خذوني! إن في نظرات النساء نعيم الحياة، وفي نبرات أصواتهن أناشيد الخلود.
Página desconocida
الجندي المتطوع
وأنا رجل من لبنان، هاجرت في أول أمري إلى حيث يقذف الشقاء أبناء الشرق المسكين.
فكنت أسد رمقي وأرسل من وراء البحار ما يقوم بأود عيالي.
وبغتة هتف البوق، وسدت البحار، فتطوعت مع المتطوعين ورميت بنفسي داخل البركان البشري كي أموت فلم أمت.
وسكت النفير فأرجعني قائدي إلى بلادي.
فسرت إلى قريتي وفتشت عن بيتي، فرأيت مكانه أربعة جدران متداعية، دخلت من المكان الذي كان في سالف الزمان بابا، ونظرت في إحدى الزوايا بقايا الموقد وفوقها آثار الدخان.
ورأيت على جدار شيئا أشبه بأزهار صناعية كانت تعلقها زوجتي حول أيقونة العذراء، وتحت الأيقونة كانت تضع سرير الأطفال.
فجلست مكان ذلك السرير، ورفعت نظري فوقع على المسرجة.
فتذكرت نور السراج الزيتي الهادي، وأغاني أمي لأخي الصغير، ورقص الصبيان أترابي ليلة العيد.
وذكرت منظر النار في الموقد، وصوت الرياح تقصف خارجا.
Página desconocida
وذكرت وجه زوجتي، وعنقها الممتلئ، وصوتها الرخيم يحدو أغنية الأمهات، وحسبت أنني أسمع صوت السرير الخشبي ذاهبا آيبا.
فهرولت مسرعا من ذلك المدفن الذي ضم حبي وآمالي وآلامي، وذهبت إلى الكاهن الشيخ وسألته عن عيالي، فروى لي الحكاية التي سيرويها التاريخ عن اللبنانيين واللبنانيات!
باعت زوجتي حلاها وثيابها وفراشها، ثم قطعت أغراس الزيتون في البستان، ثم باعت البيت وأكلت ثمنه، وبعد هذا نزلت إلى بيروت مدينة الذهب والفضة، مدينة الجمال والحب، مدينة العلم والدين، مدينة الأدب والأدباء، مدينة الهياكل والمدارس.
ومدينة الخلاعة والفساد والظهور والرياء.
نزلت زوجتي حاملة صغارها، فتعلقوا بأذيالها وتبعوها في الأسواق، فاستعطت وأطعمتهم، وجاعت وأشبعتهم، حتى هزل منها اللحم وبرز العظم، فانحطت قواها ومات فيها الإنسان، ماتت فيها نتيجة تهذيب المئات من السنين.
وسرقت فسجنت في الدائرة، ولما خرجت تعلق بها صغارها، فرمتهم وسارت في الأزقة المظلمة محتفظة بالصغير إلى أن مات الصغير، فحملته وأرته للناس ميتا، فأشفقوا عليها، ولما رموها بشيء طرحت الميت وجلست تأكل بنهم الوحوش.
وأخيرا حمت ودنا الأجل، فجرت نفسها إلى القرية وماتت أمام عتبة الباب.
قيل في القدم: هنيئا لمن له مربض عنزة في لبنان! تعالوا، تعالوا يا عابري السبيل رثوا أرز لبنان، وبساتين لبنان، وعيون لبنان.
تعالوا اشتروا السهل والوعر بلا فضة وبلا ثمن، تعالوا فقد بيع البيت والبستان بربع قنطار من القمح، هلموا لشراء الجواري والعبيد، فقد بيعت المرأة بريال، والابنة برغيف!
أنشودة المهاجر
Página desconocida
ارجعوني إلى لبنان! إلى أديمه وسمائه، إلى ثلوجه ومائه، إلى وديانه الجليلة، وآكامه الجميلة، وغاباته الخميلة، ارجعوني إلى لبنان! •••
إن الحياة لفي أشعة الشمس البارزة من وراء جباله.
والحب يدب خلال أنوار البدر الساطعة فوق تلاله.
إن العبادة لفي ليلة من لياليه المقمرة وقد تفضض الجو والأديم.
وسجدت عناصر الكون ليهوه القديم!
إن الخشوع لفي نظرة إلى أشجاره الباسقات.
تشابه ليلا أشباح الجبابرة المرعبات.
كل ما فيك يا لبنان يهيب بالنفس إلى العبادة والأمل.
قباب أديارك القديمة وهي ترسل مساء أصوات النواقيس، وخرير مياهك تتدفق في الوديان، ودبيب الهواء بين أوراق الزان، وهمس النسيم في مباسم الغزلان.
كل ما فيك يا لبنان حبيب وجميل.
Página desconocida
هدير العاصفة تكسر شتاء ضعيف نبتك يمثل جلال رواسيك الشوامخ وقد وقفت صامتة تهزأ بالدهور.
والثلوج على نواصيك تذوب في قلبك وتغور لتتفجر من عيونك أنهارا وينابيع، رموز أزلية لناموس التجدد الكامن فيك، والنبات الأصفر الذابل اليابس على جوانب طرق العربات دليل على وجود الحياة في تلافيف تربتك يا لبنان.
حتى واللثام على رءوس العذارى مثال أبدي للفضيلة الكامنة في نسائك، والفضيلة في نسائك هي دعامة حياة بنيك يا لبنان. •••
هل أعيش لأرى الحياة تدب بين بنيك؟
رأيت الموت ناشرا أجنحته السود فوق كل ذي حياة فيك!
رأيت الحياة تتمرغ في الأقنية والأقذار، رأيت الشبيبة تمشي إلى الفناء وقد مات فيها نشاط الإنسان.
رأيت الأطفال تقطع من كبد الإنسانية وترمى في سلسلة الحيوان.
وآه! كم تفتتت نفسي على ما كان يجري فيك يا لبنان!
فتحت عيني للنور وكانت أغاني طفوليتي أهوال سنة الستين، ففزعت لبني أمي، ونشأت نافرا من السفاحين، كارها للمتعصبين، وكبرت فألفت حياة الشرق! وبحثت، ولما تفهمت أشفقت على الذابحين، وأحببت الجاهلين. •••
كبرت فإذا شبان بلادي يهاجرون بالعشرات والمئات والألوف، ثم يرجعون فيأخذون من شابات البلاد زهرات يانعات عطرات.
Página desconocida
وهناك في أرض المهجر تنمو غريبة عيال لبنان، متبعثرة في أنحاء المعمورة من كندا إلى المكسيك إلى الأمازون إلى الشيلي إلى أستراليا.
أعيدوا لي بني يقول: لبنان، أعيدوا لي عيالي، أرجعوا لي أمتي، عودوا إلي فأجدد كياني القديم في الشرق القديم. •••
كبيرا كنت أو صغيرا فأنت أنت يا لبنان.
ولئن فصلتك جراحك الدامية عن سوريا فأنت عين سوريا وقلب سوريا. هو ذا بنوك في المشارق والمغارب «بنوك آن كنت صغيرا» يحملون النشاط في قلوبهم، والأنفة في نفوسهم.
بنوك نفخوا في الشرق نسمة التجدد فتكهرب بها الشرق من سوريا إلى النيل إلى الجزيرة إلى العراق.
وبنوك، يا لبنان، سيحملون في الغد فكرة الاتحاد المجيد.
من على رواسيك ستبعث الحياة الجديدة إلى الشرق الجديد وفي وديانك ستنشأ فكرة اندغام عناصر سوريا ولبنان، اندغاما لا يحله الجهل.
ولا تفرقه الأديان. •••
ارجعوني إلى لبنان! إلى أديمه وسمائه، إلى نسيمه ومائه، إلى آكامه الجميلة، إلى غاباته الخميلة، ارجعوني إلى لبنان.
الأمومة
Página desconocida
إلى ابنتي
إن في نظرات الأمهات نعيم الحياة
وفي نبرات أصواتهن أناشيد الخلود.
يا حلاوتك عندما دببت وعندما شببت.
بل قبل أن ولدت.
عندما تململت لأول مرة قرب فؤادي، فأحدثت في نفسي ثورة قلبت بلحظة كياني، وحولتني من ولد خلي طيار إلى كائن مثقل بالحنان والحب، وعندما وثبت إلى الحياة بيديك الورديتين، وعينيك المغمضتين، الجاهلتين معنى الحياة والوجود.
وعندما أتوا بك إلي فأخذتك إلى صدري، وبقيت طول ليلي أتأملك على نور الزيت الضئيل، ناظرة إلى عينيك، وجبينك، وفمك، وأنفك، وخديك، وكل أعضائك المتناهية في الدقة والليان، وقائلة في نفسي: «هي لي، هي لي»!
وعندما كنت أسقيك مذوب قلبي، وأراك تنمين يوما فيوما بما تمتصينه من ماء حياتي، كم تلذذت في تلك الساعات الطويلة، وسكبت نفسي أمام هيكل حبك متمنية لو أعطيك كل ما في قلبي من دم، وكل ما في نفسي من قوة، وكل ما في كياني من حياة.
وعندما فطمت فبكيت صدري، فلمست أول هموم الحياة.
يا حلاوتك في كل آن وزمان يا حلاوتك. •••
Página desconocida
يا لجمالك في الماء تشابهين الدمى والتماثيل، وتمثلين لي الإنسانية في أدوارها النقية من قبل أن ينخرها دود الأمراض وسوس الفساد! كم وقفت خاشعة أمام تمثالك المعبود! وكم تاه نظري بين استدارة ذراعيك، وبضاضة كتفيك، وتضاعيف عنقك! وكم خرق فكري الغلاف الجميل وتغلغل بعيدا بعيدا، فتمثلت رئتيك، وقلبك الصغير يدفع الدم إلى جسدك ويحييك بنظام المبدع الأسمى! وتمثلت قواك العاقلة تتكيف وتنمو شيئا فشيئا بما وجد فيها من خميرة وراثية، وما يزاد عليها من تأثيرات المحيط، كم وددت لو أزيل كل ما أورثتك إياه - رغما عني - من نقائص ومساوئ! وكم تمنيت لو أعطيك كل ما أتوق إليه من خير وصلاح وكمال أسمى! •••
يا لبلاغتك اليوم! تتكيفين، وتتفهمين، فتقابلين وتحكمين، عندما تتأملين في خطوط وجهي، وتحدقين إلى داخل عيني فتنعكس على وجهك الغض كل تأثرات نفسي، وتلمع عيناك للهناء، أو تظلم لليأس، أو تضحك للسرور، أو تبكي للشقاء!
وعندما تقيدين عنقي بذراعيك وتسأليني: أمي لماذا أنت نحيلة وصفراء؟ لماذا لا تبسمين؟ أمي تعبانة لأنك تشتغلين؟ ثم ينتفض جسمك ويختلج فؤادك وترتجف شفتاك وتسيل دموعك، آه! كيف تجثو نفسي عند قدميك متوسلة إليك أن تكفي عن البكاء؟! وكيف أود لو أدخل إلى ذاكرتك الغضة فأزيل منها صور البؤس، وأضع مكانها صور الهناء؟! كم تتسابق دموعي حنانا لحنانك، وحبا لحبك، فأضمك إلي حاسبة أنني أضم كنوز الأرض وغني الكائنات!
كم سكبت من روحي في روحك! فأعطيتك حتى لم أبق لي شيئا وعدت إليك، فإذا أنت نبع لا يعرف الجفاف يعطيني ويعطيني ويعطيني بلا حساب!
من عينيك تنبعث قوة سحرية هي زادي في الصباح والمساء.
عندما تنفذ في قوة الجهاد انظر إلى عينيك.
عندما تضع الأيام أمامي حواجزها الهائلات أنظر إلى عينيك.
من عينيك إرادتي، وقوتي، ووجودي، وتجددي، وعلة بقائي، وسر حياتي. •••
تفقد المرأة أباها، وأمها، وأخاها، وأختها، فتتألم نفسها، وتبكي عيناها، ولكن موت الولد يؤلمها جسديا فتتوجع كمن فقئت عينه، أو بترت يده، أو شقت كبده!
كان لي ملاكان ذهبيان!
Página desconocida