جيد ذلك ورديئه لاحقين للشعر، إذ كان ليس يخرج شيء منه عنها، فلنبدأ بذكر أوصاف الجودة في واحد واحد منها، ليكون مجموع ذلك إذا اجتمع للشعر كان في نهاية الجودة، ونعقب ذلك بذكر العيوب، ليكون أيضًا مجموع ذلك إذا اجتمع في شعر كان في نهاية الرداءة، ولا محالة أنه إذا كان هذان الطرفان مشتملين على جميع
النعوت والعيوب التي نذكرها، ولم يكن كل شعر جامعًا جميع النعوت أو جميع العيوب، وجب أن تكون الوسائط التي بين المدح والذم تشتمل على صفات محمودة وصفات مذمومة، فما كان فيه من النعوت أكثر، كان إلى الجودة أميل، وما كان فيه من العيوب أكثر كان إلى الرداءة أقرب، وما تكافأت فيه النعوت والعيوب كان وسطًا بين المدح والذم، وتنزيل ذلك إذا حضر ما في الطرفين من النعوت والعيوب لا يبعد على من أعمل الفكر وأحسن سبر الشعر.
الفصل الثاني
النعوت
فلنبدأ من ذكر الأجناس الثمانية بأولها من الأربعة المفردات، وهو اللفظ، ونذكر نعوت ذلك ونعوت سائر الأجناس، ونجعل هذا الفصل مقصورًا على ذكر النعوت.
نعت اللفظ
أن يكون سمحًا، سهل مخارج الحروف من مواضعها، عليه رونق الفصاحة، مع الخلو من البشاعة، مثل أشعار يوجد فيها ذلك، وإن خلت من سائر النعوت للشعر، منها أبيات من تشبيب قصيدة للحادرة الذبياني، وهي:
وَتَصَدَّفَتْ حتَّى اسْتَبَتْكَ بِوَاضِحٍ ... صلْتٍ كَمُنْتَصَبِ الغَزَالِ الأَتْلَعِ
وَبمُقْلَتَيْ حَوْراء تَحْسِبُ طَرْفَهَا ... وَسْنَانَ حُرةِ مُسْتَهَلِّ المَدْمَعِ
وإذا تُنَازعكَ الحَدِيثَ رأَيتَها ... حَسَنًا تَبسُّمُهَا لَذِيذَ المَكْرَعِ
كَغَرِيضِ سَارِيةٍ أَدرَّتْهُ الصَّبا ... بنزيلِ أسجَرَ طيِّب المُسْتَنْقَعِ
لَعِبَ السُّيُولُ بِهِ فأَصْبحَ مَاؤُهُ ... غَلَلًا تقطَّعَ في أُصُولِ الخِرْوَع
فَسُمَىَّ ويْحَكِ هَلْ عَلِمْتِ بِفتْيَةٍ ... غادَيْتُ لذَّتَهُمُ بأدْكَنَ مُتْرَع
بكَرُوا عَلَيَّ بِسُحْرَةٍ فصبحْتُهُمْ ... من عَاتِقٍ كَدمِ الذَّبِيحِ مُشَعْشعِ
1 / 8