موجودين في بعداء الهمم وأهل الإقدام والصولة.
وذلك كما قال بعض الشعراء في جمع البأس والجود:
فتىً دهرُهُ شطرانِ فيمَا ينوبُهُ ... ففِي بأسه شطرٌ وفي جودِهِ شَطْرُ
فلا من بغاةِ الخَيْر في عَيْنِهِ قَذَىً ... ولا منْ زئير الحرْب في أذنه وَقْرُ
وكما قال منصور النمري في إفراده ذكر البأس وحده:
تَرَى الخيلَ يومَ الروعِ يظمأنَ تَحْتَهُ ... وتروَى القَنَا في كَفِّه والمناصِلُ
حلالٌ لأطراف الأسنَّة نَحْرُهُ ... حرامٌ عليها متنُهُ والكَوَاهِلُ
وكما قال بشار بن برد:
ألا أيُّها الحاسِدُ المُبْتَغِى ... نجومَ السماءِ بسعيٍ أممْ
سمِعْت بمكرمةِ ابنِ العلاءِ ... فأنشأَت تطلبُهَا لَسْتَ ثَمْ
إذا عرضَ اللهوُ في صدرهِ ... لهَا بالعطاءَ وضرْبِ البَهَمْ
يَلَذُّ العَطَاءَ وسَفْكَ الدماءِ ... فيَغْدُو عَلَى نِعمِ أو نِقَمْ
فقُلْ للخليفةِ إن جئتهُ ... نصيحًا ولا خيرَ فِي المتهمْ
إذَا أيقظتكَ حروبُ العدَى ... فنبهْ لها عُمَرًا ثُمَّ نَمْ
فتىً لا ينامُ عَلَى دِمْنَةٍ ... ولا يشربُ الماءَ إلا بدَمْ
مدح السوقة
وأما مدح السوقة من البادية والحاضرة، فينقسم قسمين، بحسب انقسام السوقة إلى المتعيشين بأصناف الحرف وضروب المكاسب، وإلى الصعاليك والخراب والمتلصصة ومن جرى مجراهم.
فمدح القسم الأول: يكون بما يضاهي القضائل النفسانية التي قدمنا ذكرها خاليًا من مثل مدح الملوك ومن قدمنا ذكره من الوزراء والكتاب والقواد، وذلك مثل قول الشاعر:
متراحمينَ ذوُو يسارِهِمُ ... يتعاطفونَ علَى ذوِي الفقرِ
وذوُو معاسرِهم كأنهمُ ... من صِدْقِ عفتِهِمْ ذوُو وَفْرِ
متجملينَ لطيبِ خيمهمُ ... لا يهلعونَ لنبوَة الدهرِ
ومدح القسم الثاني يكون بما يضاهي المذهب الذي يسلكه أهله من الإقدام
1 / 28