فإذا سكِرْتُ فَإنَّني ... رَبُّ الخَوَرْنقِ والسَّدِير
وإَذَا صحَوْتُ فَإنَّني ... ربُّ الشُّوَيْهَة والبَعِيرِ
ومثله أبيات كعب بن الأشرف اليهودي:
ربَّ خَالٍ لي لَوْ أَبْصَرْتَهُ ... سبِطِ المِشْيَةِ أباءٍ أنِفْ
لَيِّنِ الجانِبِ في أَقْرَبِهِ ... وَعَلَى الأَعْدَاءِ سَمٌّ كالذُّعُفْ
ولَنَا بِئْرٌ رَواءٌ جَمَّةٌ ... مَنْ يَرِدْهَا بإناءِ يَغْتَرِفْ
ونَخيلٌ في تِلاع جَمَّةٌ ... تُخْرِجُ التَّمْرَ كأَمْثَالِ الأَكُفُّ
وصريرٌ مِنْ محالٍ خِلْتَهُ ... آخِرَ الليلِ أهازِيج بِدُفُّ
الترصيع
ومن نعوت الوزن الترصيع، وهو أن يتوخى فيه تصيير مقاطع الأجزاء في البيت على سجع أو شبيه به أو من جنس واحد في التصريف، كما يوجد ذلك في أشعار كثير من القدماء المجيدين من الفحول وغيرهم، وفي أشعار المحدثين المحسنين منهم.
فمما جاء في أشعار القدماء قول امرئ القيس الكندي:
مِخَشٍّ مِجَشٍّ مُقْبل مُدْبِرٍ معًا ... كَتَيْسِ ظِبَاءِ الحُلَّبِ العَدْوَانِ
فأتى باللفظتين الأوليين مسجوعتين في تصريف واحد، وبالتاليتين لهما شبيهتين بهما في التصريف، وربما كان السجع ليس في لفظة لفظة، ولكن في لفظتين لفظتين بالوزن نفسه كقوله:
ألصُّ الضُّروُسِ حَنِىُّ الضُّسسلُوعِ ... تَبُوعٌ طلوبٌ نَشِيطٌ أشِرْ
وفي قصيدة أخرى سجع في لفظتين لفظتين بالحرف نفسه مثل قوله:
وَأَوْتَادُهُ مَاذِيَّةٌ وَعَمِادُهُ ... رُدَيْنِيَّةٌ فيها أَسِنَّةُ قَعْضَبِ
وقال زهير بن أبي سلمى:
كبْداءُ مُقْبِلَةٌ وَرْكَاءُ مُدْبِرَة ... قَوْدَاءُ فيها إذا اسْتَعْرَضْتَهَا خَضَعُ
فأتى بفعلاء مفعلة تجنيسًا للحروف بالأوزان: وقال أوس بن حجر:
جُشَّا حَنَاجِرُها عُلْمًا مَشَافِرُهَا ... تَسْتَنُّ أَوْلادُهَا في دَحْضِ أَنْضَاحِ
وقال طرفة:
بطَئٍ عَنِ الْجُلِّى سَرِيعٍ إلى الْخَنَا ... ذَلُولٍ بأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ
1 / 11