Crítica del libro del Islam y los fundamentos del gobierno
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Géneros
1 «قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا ممن أدخل نفسه في أهل الاجتهاد غلطا أو مغالطة.»
ولم تؤخذ حجية الإجماع من الكتاب والسنة بنصوص معدودة، بل حجيته منتزعة من آيات كثيرة وأحاديث شتى، وإذا كان كل واحد منها يدل بانفراده على حجية الإجماع دلالة ظنية، فإن الظنيات الكثيرة إذا تواردت على معنى أفادت علما لا تخالجه ريبة، قال أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات:
2 «الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع، فإن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق، ولأجله أفاد التواتر القطع ... وإذا تأملت كون أدلة الإجماع حجة، أو خبر الواحد أو القياس حجة؛ فهو راجع إلى هذا المساق، لأن أدلتها مأخوذة من مواضع تكاد تفوق الحصر.»
وها هنا أدلة أخرى تدل بوجه خاص على حجية إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - وقد وقف عند حد هذه الأدلة من قال: لا حجة إلا في إجماع الصحابة.
ولنكتف بهذه الكلمة في التنبيه على وجه حجية الإجماع وعده في الأدلة القاطعة. •••
قال المؤلف في ص22: «ولا نقول مع القائل: من ادعى الإجماع فهو كاذب.» وكتب في أسفل الصحيفة عازيا هذه المقالة إلى الإمام أحمد بما نصه: «روي ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل. راجع تاريخ التشريع الإسلامي لمؤلفه محمد الخضري.»
انتزع المؤلف هذه الكلمة المروية عن الإمام أحمد من تاريخ التشريع الإسلامي للشيخ محمد الخضري وأطلقها في طليعة الباب؛ لتثير في نفوس القارئين شكا، وتجعلهم على ريبة من حجية الإجماع. أطلق هذه الكلمة كأنه يجهل موردها ويجهل أن الإمام أحمد لا يعني بها الإجماع المعروف في الأصول، وإنما يعني بها الرد على بعض الفقهاء الذين ينظرون إلى الواقعة حتى إذا لم يطلعوا على خلاف في حكمها سموه إجماعا، قال ابن القيم في كتاب أعلام الموقعين:
3 «ولا يقدم - يعني الإمام أحمد - عدم علمه بالمخالف، الذي يسميه كثير من الناس إجماعا، ويقدمونه على الحديث الصحيح، وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع، وكذلك الشافعي أيضا نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له: إجماع ... وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ... ولكنه يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك. هذا لفظه ... فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده.»
فالإمام أحمد بن حنبل إنما ينكر على الفقيه أن يسمي عدم علمه بالخلاف إجماعا، وعلى مثل هذا جرى ابن حزم في كتاب الإحكام فقال: «تحكم بعضهم فقال: إن قال عالم: لا أعلم هنا خلافا، فهو إجماع، وإن قال ذلك غير عالم فليس إجماعا! وهذا قول في غاية الفساد، ولا يكون إجماعا، ولو قال ذلك محمد بن نصر المروزي.»
4 •••
Página desconocida