Crítica del libro del Islam y los fundamentos del gobierno
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Géneros
الأحاديث الحاثة على إطاعة ولي الأمر مطلقة، وإنما يقصد بها المصلحة المترتبة عليها؛ وهي إقامة المصالح وانتظام الحقوق، وبهذا أرشدتنا إلى طلب أصل ولايته. أما البغاة والعاصون فقد أمر الإسلام بكفاحهم، وسل السيوف في وجوههم ما استطعنا لذلك سبيلا، وأذن لنا بأن نجنح لسلمهم حينما نخشى فتنة أشد من محاربتهم؛ عملا بقاعدة «ارتكاب أخف الضررين». والموازنة بين الضرر الذي نحتمله من ولايتهم والفتنة التي نخشاها من محاربتهم يرجع إلى اجتهاد ذوي الخبرة بحقوق الأمة، ومبلغ قوتها، وعاقبة حربها أو مسالمتها.
فالوجه الفارق بين هذه المسألة وإطاعة أولي الأمر: أن المعنى الذي روعي في الإذن بمسالمة البغاة والعاصين لا يتحقق في البغي والعصيان، حتى نذهب من الإذن بمسالمتهم إلى القول بمشروعيتهما، كما ذهبنا من الأمر بإطاعة صاحب الدولة إلى القول بوجوب ولايته.
ثم إن المؤلف عطف على هذه الأقيسة الخاطئة أمثلة أخرى فقال: «إن الله أمرنا بإكرام السائلين والرحمة بالفقراء، ولم يكن هذا موجبا لأن يوجد بيننا فقراء ومساكين، وأمرنا أن نفك رقاب الأرقاء ونعاملهم بالحسنى ولم يدل ذلك على أن الرق مأمور به في الدين، وذكر الله الطلاق والاستدانة والبيع والرهن وغيرها وشرع لها أحكاما، ولم يدل ذلك بمجرده على أن شيئا منها واجب في الدين.»
ولسنا في حاجة إلى مناقشة هذه الأمثلة بعد أن كشفنا لك عن وجه دلالة الأمر بإطاعة صاحب الدولة على حكم ولايته، وذلك الوجه من الدلالة لا يوجد في هذه الأمثلة، وما كان لها إلا أن تلف رءوسها حياء وتزدحم على باب هذا المبحث متسابقة إلى الخروج منه.
الباب الثالث
الخلافة من الوجهة الاجتماعية
المناقشة - بحث في الاحتجاج بالإجماع - الإمام أحمد والإجماع - المسلمون والسياسة - كلمات سياسية لبعض عظماء الإسلام - النحو العربي ومناهج السريان - الإسلام والفلسفة - بحث في مبايعة الخلفاء الراشدين وأنها كانت اختيارية - بحث في قوة الإرادة - بحث في الخلافة والملك والقوة والعصبية - نظام الملكية لا ينافي الحرية والعدل - إبطال دعوى المؤلف أن ملوك الإسلام يضغطون على حرية العلم - عدم تمييز المؤلف بين الإجماع على وجوب الإمامة والإجماع على نصب خليفة بعينه - وجه عدم الاعتداد برأي من خالفوا في وجوب الإمامة - القرآن والخلافة - السنة والخلافة - الإجماع والخلافة - شكل حكومة الخلافة - وجه الحاجه إلى الخلافة - آثارها الصالحة. ***
ملخص الباب
حكى المؤلف الإجماع على نصب الخليفة بلفظ زعموا، وتوخى في الحكاية عبارة العضد في المواقف، ثم أخذ يلمح إلى ما في حجية الإجماع من الاختلاف، وصرح بأن دعوى الإجماع في هذه القضية لا يجد لقبولها مساغا على أي حال، ثم خيل إلى القارئ أن مناجزته لدعوى الإجماع تتوقف على تمهيد يكون كالطليعة تتقدم جيوش حججه الهاجمة، فطفق يلمز المسلمين بسوء الحظ في علم السياسة، وادعى أنهم وقفوا حيارى أمام ذلك العلم، وارتدوا دون مباحثه حسيرين، وسأل عن علة هذه الوقفة الحائرة والارتداد الخاسر، ثم انتصب ليجيب نفسه بلسانه، فزعم أن الخلافة في الإسلام لا ترتكز إلا على القوة الرهيبة، ولا ترتفع إلا على رءوس البشر، وأن من الطبيعي في الأمم الإسلامية بوجه خاص أن لا يقوم فيهم ملك إلا بحكم الغلب والقهر، وأخذ يسرد بعض وقائع تاريخية، وتخلص منها إلى ضغط الملوك على حرية العلم، واستبدادهم بمعاهد التعليم، وانتهى إلى أن هذا الضغط هو سبب قصور النهضة الإسلامية في فروع السياسة، ونكوص العلماء عن التعرض لها، ثم وثب من الحديث على الضغط الملوكي إلى الطعن في الإجماع على نصب الإمام.
وكانت نتيجة البحث - فيما يتخيل - أن لا دليل على الخلافة من كتاب أو سنة أو إجماع، ثم عجم الدليل النظري القائم على قاعدة رعاية المصالح، فلم يهتد إلى شبهة لإنكاره، فاعترف به، ولكن ذهب إلى أنه يقتضي إقامة حكومة، ويبقى شكلها دائرا بين الدستورية والاستبدادية والجمهورية والبلشفية وغير ذلك، وذهب إلى أنه لا يوافق العلماء على الإمامة إلا أن يريدوا بها الحكومة في أي صورة كانت، ثم انساب في ذيل البحث يقذف الخلافة بغير استثناء، ويحمل عليها أوزار قوم أطفئوا نورها، وأسقطوا من القلوب مهابتها، وقفل الباب بزعم أن الإمامة العظمى لم تكن شيئا قام على أساس من الدين القويم، أو العقل السليم.
Página desconocida