Crítica del libro del Islam y los fundamentos del gobierno
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Géneros
سمى المؤلف طريق الاستدلال الذي نحاه الأستاذ الشيخ محمد بخيت ومن تقدمه من علماء الكلام قياسا منطقيا وحكما عقليا. وهذا مما يخيل إلى القارئ أن هذا الضرب خارج عن الأدلة الشرعية، والتحقيق أنه راجع إلى الأدلة السمعية، ويشهد بهذا قولهم: إن نصب الإمام عندنا واجب سمعا لوجهين؛ الوجه الأول: الإجماع، والثاني: هذا الدليل الذي اختار المؤلف أن يسميه حكما عقليا.
وإن شئت بيان ما صرف عنه المؤلف عبارته - من أن ذلك الاستدلال قائم على نظر شرعي - فإليك البيان:
يعتمد استنباط الأحكام على نظرين؛ أحدهما: يتعلق بالأدلة السمعية التي يقع منها الاستنباط، وثانيهما: يرجع إلى وجوه الدلالات المعتد بها في الاستعمال.
أما الأدلة السمعية فهي الكتاب والسنة والإجماع، وأما وجوه الدلالات فدلالة بالمنطوق، ودلالة بالمفهوم، ودلالة بالمعقول. ويندرج في دلالة المعقول ما يسمونه بالقياس.
فانحصرت الأدلة الشرعية العالية في الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
وهناك أدلة أخرى ترجع إلى هذه الأصول العالية، وهي القواعد المقطوع بصحتها كقاعدة «الضرر يزال»، و«المشقة تجلب التيسير»، و«العادة محكمة»؛ فإن مثل هذه القواعد لم يقررها العلماء بمحض العقل، بل رجعوا في كل قاعدة إلى استقراء موارد كثيرة من كليات الشريعة وجزئياتها حتى تحققوا قصد الشارع إليها، وأصبحت بمنزلة الخبر المتواتر في وقوعها موقع اليقين الذي لا تخالجه ريبة، قال أبو إسحاق الشاطبي في موافقاته: إن المجتهد إذا استقرأ معنى عاما من أدلة خاصة، واطرد له ذلك المعنى، لم يفتقر بعد ذلك إلى دليل خاص على خصوص نازلة تظهر، بل يحكم عليها وإن كانت خاصة بالدخول تحت عموم المعنى كالمنصوص بصيغة عامة.
فالذين يستدلون على وجوب نصب الإمام بأن ترك الناس فوضى لا يجمعهم على الحق جامع، ولا يزعهم عن الباطل وازع؛ يفضي إلى تبدد الجماعة، وإضاعة الدين، وانتهاك حرمة الأموال والنفوس والأعراض؛ إنما يطبقون قاعدة شرعية وهي قاعدة «الضرر يزال»، وقاعدة «ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدورا فهو واجب».
قال المؤلف في ص15: «وغاية ما يمكن إرهاق الآيتين به أن يقال: إنهما تدلان على أن للمسلمين قوما منهم ترجع إليهم الأمور، وذلك معنى أوسع كثيرا وأعم من تلك الخلافة بالمعنى الذي يذكرون، بل ذلك معنى يغاير الآخر ولا يكاد يتصل به!»
عبر بالإرهاق ليخيل إليك أن حمل أولي الأمر في الآيتين على قوم ترجع إليهم الأمور هو من باب صرف اللفظ إلى ما فيه عسر وتكلف. لندع مناقشته في آية:
ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم
Página desconocida