Napoleón Bonaparte en Egipto
نابوليون بونابارت في مصر
Géneros
وأخذ بعض عربان قبيل الهنادي وهم على خيولهم يناوشون تلك المقدمة، ويقطعون حبل مواصلاتها مع القوى التي بقيت لإنزال بقيت الجيش، وكانت تحت قيادة الجنرال ديزيه
Desaix ، قال أحد المؤرخين : لو كانت القوة البدوية التي ناوشت الجيش الفرنسي، مؤلفة من نحو خمسمائة من شجعان المماليك، لأحدثت ضررا كبيرا في مبدأ الحركة؛ لأن الجنود الفرنسيين، لم يكونوا قد تنبهوا، ولأنهم ما كانوا مستعدين لقبول أي مؤثرات جديدة.
وما زال بونابرت سائرا برجاله حتى أشرفوا على مدينة الإسكندرية، فكان أول ما لاح لهم في نور الفجر عمود السواري ثم المنائر والمباني، وصعد نابوليون في الساعة الثامنة صباحا، على قاعدة عمود السواري لاستطلاع المدينة، وإعداد الحملة عليها.
وليس من غرضنا، ولا من خطتنا في كتابة هذا التاريخ، أن نتوسع في دقائق الحركات العسكرية ومواقع القتال؛ لأن وجهتنا سياسية محضة، وغايتنا هي بيان حالة البلاد والأمة، وما نقلب عليها من الحوادث والأحوال، وأما الحركات الحربية وذكر أسماء القواد والضباط، وتنقلات الأورط والألايات، وإيضاح نقل الذخائر والمهمات، فهو من خصائص التاريخ الحربي، وقل أن يدعو إلى اهتمام القراء الذين وضع لهم هذا الكتاب.
ويكفينا أن نقول: إن الإسكندرية لم تكن محصنة، ولم يكن لها جيش كاف للدفاع، لا من جانب الدولة، ولا من جانب المماليك، فلم يأت ظهر ذلك اليوم، حتى كان نابوليون قد دخل المدينة ونزل في دار القنصل الفرنسي، والتجأ السيد محمد كريم، ومن بقي حوله من الملتفين به إلى حصن فرعون، وأما الأهالي فسلموا، ودارت المخابرات مع السيد محمد كريم طول ليلة الإثنين، وانتهى الأمر بأن جاء هو ومن معه مستسلمين، وهكذا سقطت الإسكندرية، التي أسسها القائد اليوناني الكبير، أعظم قواد العصور الأولى في يد نابوليون بونابرت، أعظم قواد العصور الحديثة!! هكذا الدهر بالناس قلب.
قال الجبرتي: «فنادى الفرنسيس بالأمان في البلد، ورفع بنديراته عليها وطلب أعيان الثغر فحضروا لديه فأمرهم بجمع السلاح وإحضاره إليه، وأن يضعوا «الجوكاد» في صدورهم فوق ملبوسهم، والجوكاد ثلاث قطع من جوخ أو حرير أو غير ذلك، مستديرة في قدر الريال، سوداء وحمراء وبيضاء، توضع بعضها فوق بعض بحيث تكون كل دائرة أقل من التي تحتها حتى تظن أن الألوان الثلاثة كالدوائر المحيط بعضها ببعض.»
قال كتاب الفرنسيس: أما السيد محمد كريم فإنه قبل أعتاب نابوليون، وقال له: إنه أصبح عبده ومولاه، وخطب بين يديه، فرضي عنه نابوليون وطلب منه أن يكون خادما للجمهورية الفرنساوية، مساعدا لها على إبادة المماليك، وتأييد سلطة خليفة المسلمين، سلطان آل عثمان!!!! فأجابه السيد كريم إلى ما طلب، فعين قومندانا للبوليس في الثغر فقام بواجبه خير قيام؛ إذ أعاد النظام في المدينة وجمع السلاح وقدم للجيش الفاتح كل ما يحتاجه.
ويظهر من قول نابوليون للسيد كريم «إنه يريد إبادة المماليك» وتأييد سلطة خليفة المسلمين سلطان آل عثمان» أنه كان في أول الأمر مصمما على اتباع السياسة التي اتبعها الإنكليز فيما بعد في مصر، وهي حفظ سيادة آل عثمان، ودعوى المحافظة على حقوق الدولة، وأن الغرض الذي جاء من أجله بالحملة الفرنسية هو لإبادة المماليك، كما كانت دعوى الإنكليز، إخضاع الثورة العرابية ...
وأحسن ما وقفت عليه من بيان الخطة التي وضعها نابوليون نصب عينيه في سياسة مصر، هو ما كتبه ذلك المؤرخ الكبير، والسياسي الخطير، مسيو تيير
Thiers
Página desconocida