Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Géneros
ولكنهم في الحرب واحد؛ فصلاح الدين مثلا مثل سواه من الفاتحين، يقطع الأشجار، ويحرق الزرع (اذكر وصية أبي بكر لأبي عبيدة)، ويروع الآمنين، ويجلي الفلاحين، ويقتل خلقا كثيرا، كما قال هو نفسه في رسالة إلى أخيه؛ لأنهم لم يقبلوا الإسلام.
قال المؤرخ: «بينا كانت داخلية البلاد مشتغلة بالنصب والعزل، وتقاتل أبناء البيت الواحد على الملك والسلطان، اجتمعت الفرنج من داخل البحر ووصلوا إلى عكا، فضربوها واحتلوها ونهبوها ... إلخ.»
هم متحدون وأنتم متشاقون متخاذلون. أنتم الفاطميون وفيكم المعز لدين الله والمستنصر بالله والحاكم بأمر الله، الذين نبرأ منهم إلى الله. وأنتم الأيوبيون وفيكم الصالح والعادل والكامل والأشرف والأفضل والطاهر والناصر، وليس فيكم - والحق يقال - إلا القليل القليل من العدل والفضل والصلاح. فالكامل ناقص، والعادل ظالم، والظاهر مكسور، والناس مرهقون، مظلومون على الدوام.
فهل يلامون إذا هم سلكوا مسلك الثعالب إلى خيرهم، بل إلى خلاصهم؟ قال ابن أبي شامة: «كسرت الفرنج ومن انضم إليهم من منافقي الإسلام، كسرة عظيمة في عسقلان.»
من «منافقي الإسلام»؟ على رسلك ابن أبي شامة، فقد كان الناس في تلك الأيام مثل ملوكهم يعملون لصالحهم قبل كل شيء، وليس ثمة وطنية يخلصون لها أو يخونونها.
أنت سورية بلادي.
أنت مهد الأنبياء.
الفصل الحادي عشر
هول هولاكو
هبت هبوب الجحيم من الشرق، من قلب آسية، فغشيت سورية بلادي. جاء هولاكو بجيوشه التتر والمغول (658ه/1259م)، يحملون السيف والنار، ولا يحسنون غير القتل والدمار، فاستولوا على القلاع والحصون، وفتكوا بالناس فتك الضواري، ودخلوا المدن فاتحين ناهبين، محرقين، مفحشين.
Página desconocida